أعلنت شركة "إعمار" الإماراتية أخيرا، وبشكل رسمي، انسحابها من السوق الجزائري بعد لغط استمر ثلاثة أعوام، وقد بقيت المشاريع التي جرى الحديث عنها مجرد أفكار أو مجسمات لم تعرف طريقها إلى التجسيد. الحديث جرى عن عوائق إدارية حالت دون نجاح الشركة في تجسيد مشاريعها، غير أن حديثا آخر دار حول الجدية الشركة وقدرتها على تنفيذ ما وعدت به، خاصة وأن المشاريع الضخمة التي أطلقتها كانت تمثل استثمارات ضخمة تبلغ قيمتها 20 مليار دولار، وقيل الكثير عن طرق ملتوية تتبعها الشركات الخليجية والعربية عموما من خلال الضجيج الإعلامي الذي تثيره وتستعمله في تصحيح وضعها في السوق، وقد سمعنا أيضا عن تأثير الأزمة المالية العالمية على هذه الاستثمارات. مهما يكن من أمر فإن انسحاب إعمار يمثل ضربة قوية للاستثمارات العربية في الجزائر، أو هو ضربة قوية لمصداقية السوق الجزائري في نظر رؤوس الأموال الخليجية تحديدا، ولا أحد ينكر أن الاستثمارات العربية منذ سنوات تعرضت لضغط بيروقراطي وإعلامي رهيب، ولا زالت قضية فوز الشركة المصرية أوراسكوم وما تبعها من حملات إعلامية مركزة ماثلة في الأذهان. الاستثمارات العربية لم تفشل في مصر ولم تفشل في المغرب لكنها لا تجد منفذا إلى السوق الجزائري، ورغم كل ما قيل عن إشراف الرئيس شخصيا على هذا الملف الحساس، فقد انتهى الأمر بهذا الإعلان عن الانسحاب الذي ستكون له آثاره على مصداقية الخطاب الرسمي الذي يركز على جلب الاستثمارات الأجنبية وخاصة العربية منها. لم نسمع أبدا أي تصريحات رسمية إلى حد الآن تنتقد الشركات الغربية، والفرنسية تحديدا، التي تقوم بإنجاز مشاريع في الجزائر رغم كل التأخر المسجل ورغم المراجعات المستمرة لتكلفة الإنجاز، وإلى حد الآن لم تقدم الحكومة موقفها من الشكاوى المستمرة للمستثمرين العرب من العراقيل البيروقراطية، وبالنسبة للوزير الأول الاستثمار العربي هو مجرد تعبير عن النوايا. هناك رائحة السياسة تنبعث من هذه القضية ولا بد من البحث عن الحقيقة في مكان ما.