جراء اهتراء أرضيتها وغياب الصيانة والترميم وتلف معظم معدات العمل ووسائل حفظ الأسماك التي غادرت الشواطئ الوهرانية باتجاه ولايات ومواقع ساحلية أخرى، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد من سمك السردين بأسواق الولاية إلى 350 دج وذلك ما وقفنا عنده خلال زيارتنا لسوق السمك بالجملة. أكد أحد الصيادين ل "الفجر" أن صندوق سمك تم بيعه أمس ب 400 ألف دج، في حين وصل سعر الكيلوغرام الواحد بالجملة في السوق إلى 280 دج بالميناء وخارجه إلى 350 دج، مضيفا أن الوضع اليوم أصبح ينذر بالكارثة ويستلزم دق ناقوس الخطر لحماية سواحلنا وكذا إعادة الإعتبار للمسمكة التي تعاني وضعية مزرية منذ أكثر من سنة، هذا بالإضافة إلى مغادرة الأسماك خاصة السمك الأزرق شواطئنا منذ 8 أشهر ولا شيء يدعو إلى التفاؤل، خاصة في ظل نقص وقدم معدات العمل من شبكات الصيد التي أكل عليها الدهر وشرب ولم تنفع معها عمليات الترقيع واهتراء قوارب الصيد وعدم قدرتها على العمل لاصطياد السمك في أماكن بعيدة. كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة أمس عندما دخلنا مسمكة وهران، حيث وجدنا جماعات الصيادين يتبادلون أطراف الحديث بعد عودتهم من البحر فارغي الأيدي، حيث قالوا لنا "إننا يوميا على هذا الحال، دون تدخل المشرفين على القطاع لتدارك الوضعية ومساندة الصيادين الذين لم يجدوا ما يسترزقون به بعدما شح البحر" ، مصرحين أن "الأمور ميتة ولا شيء يدعو إلى التفاؤل، خاصة أن هناك مجموعة من الشباب استفادوا من قروض بنكية لتمويل مشاريع في القطاع، إلا أن قواربهم راسية بالميناء". رئيس اللجنة الوطنية للصيد البحري يؤكد أن الإنتاج لا يفوق 120 ألف طن يوميا من جهته، كشف رئيس اللجنة الوطنية للصيد والموارد الصيدية بالإتحاد الوطني للتجار والحرفيين، السيد بلوط حسين، أن كمية السمك التي يتم إخراجها من البحر لا يفوق 120 ألف طن يوميا، في الوقت الذي تؤكد فيه بعض الجهات على تجاوز 187 ألف طن بعدما وصل سعر السردين إلى 350 دج للكلغ في غياب الرقابة واستحواذ بعض العصابات في السوق على السمك للمضاربة فيه وهو وضع يتطلب تكاثف الجهود مع مديرية مراقبة الأسعار لمحاربة هذه الظاهرة، في الوقت الذي سيصل فيه سعر السمك السردين إلى 500 دج خلال الأيام القليلة القادمة بعد الإهمال الذي آل إليه القطاع، الذي أصبح يتخبط في مشاكل عويصة في غياب الحلول الجذرية والتي أدت إلى هجرة الثروة السمكية السواحل الوطنية بعدما تم إحصاء شواطئ القالة كمنطقة منكوبة من السمك، هذا إلى جانب الانتشار الواسع لبعض الطحالب السامية والفتاكة بالأسماك. وكشف النائب الأول للغرفة الوطنية للصيد البحري والموارد الصيدية، السيد باني أحمد، عن الوضعية المزرية والكارثية التي أصبح يتخبط فيها القطاع في ظل الإهمال واللامبالاة المفروضين عليه، الأمر الذي تسبب في تقلص كبير في كمية الإنتاج التي تراجعت بشكل ملفت للإنتباه وذلك ما تعكسه أسواق الأسماك، بعد ارتفاع سعرها، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد من سمك السردين، الذي يعد طبقا شعبيا بالنسبة إلى العائلات، إلى 350 دج. بالرغم من وجود 14 ولاية ساحلية، فإن أعدادا ضخمة من الأسماك أصبحت تهجر معظم السواحل الوطنية، الأمر الذي بات يتطلب وضع برامج وإشراك باحثين جامعيين في القطاع، الذي لايزال بعيدا كل البعد عن العصرنة في آليات العمل والتي جعلت أزيد من 70 ألف صياد يعانون أمام اهتراء وهشاشة الأسطول البحري وقدمه بحيث يقدر عمره بأزيد من 60 سنة. وبالرغم من الاعتماد على الاستراتيجية الوطنية لتنمية نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات وكذا المخطط الوطني لتنمية الصيد، إلا أن القطاع لم يتمكن من مسايرة المؤهلات والركب الدولي للتأكيد على دوره الإقتصادي في تعزيز مسار القطاع وتدعيم مكانته نهائيا ضمن سياق الإقتصاد الوطني، إلى جانب غياب فضاءات التكوين والرسكلة لتنمية قدرات الصيادين والبحارة وفق تقنيات عصرية حديثة. هذا إذا ما علمنا أن معظم وسائل العمل في البحر لاتزال تمارس بطريقة تقليدية، الأمر الذي دفع بالمديرية إلى إحالة ملف 50 صيادا على العدالة بعد استعمال العديد منهم للديناميت في الصيد والتي تسببت في قتل الكثير من الثروة السمكية وتلويث مياه البحر، كما يتم اصطياد السمك قبل أن تكتمل ما يقضي على السلالة، بالإضافة إلى تدفق كميات ضخمة من المياه الملوثة لقنوات الصرف الصحي إلى الشواطئ قضت على أعداد هائلة من الأسماك فيه. وأضاف محدثنا أنه بات من الضروري مراقبة عملية تسويق الأسماك التي تعرض بأحجام صغيرة وذلك ما بات يتطلب تنسيق الجهود بين القوة العمومية ومديرية التجارة ومصالح قمع الغش وكذا مفتشية البيطرة وذلك من أجل تنظيم المهمة كما هو معمول به في دول العالم. وتم طرح 12 مشروعا لإنجاز مسمكات على الطراز والنمط الأوروبي والعملية تم الانطلاق فيها مع 2009 فيما تبقى القوانين متواجدة، إلا أن التطبيق يبقى غائبا من أجل حماية الثروة السمكية وذلك ما لا يتماشى والسياسة الاستراتيجية للقطاع والتي يتمتد إلى غاية 2025 وخاصة أمام الإجراءات التعجيزية والتعسفية التي تسجل في حق المصدرين بالميناء، رغم أن سياسة رئيس الجمهورية تشجع التصدير خارج مجال المحروقات، إلا أنه، كما يضيف محدثنا "وخلال نزولنا إلى الميدان، اصطدمنا بالكثير من العراقيل والصعوبات، كان آخرها صدور قرار من إدارة الجمارك تلزم كل مستثمر مصدر للسمك بامتلاك شاحنة تبريد لنقلها إلى خارج الوطن". مع العلم أن تكلفتها المالية تتجاوز 300 مليون سنتيم، إلا أنها لا تستعمل إلا ثلاث مرات في السنة، الأمر الذي عرف استنكارا من قبل المستثمرين في قطاع الموارد الصيدية الذين رفضوا العمل بمثل هذه الإجراءات التعجيزية والتي تقيد نشاطهم في الاستثمار ويتنافى مع تعليمات رئيس الجمهورية لتشجيع التصدير خارج المحروقات، وذلك من أجل تحقيق الوثبة والنهضة الاقتصادية المرجوة من المتعاملين الاقتصاديين لتصدير الأسماك. حيث يبقى المشكل مطروحا أساسا في إدارة الجمارك على اعتبار أن المتعاملين من المصدرين للثروة السمكية يجلبون معهم مواد مهربة من الممنوعات، إلا أن الجمارك تتحكم في جهاز سكانير يمكنه أن يحبط كل محاولات التهريب والتضليل، هذا فضلا عن دورات المراقبة لأعوان ومصالح الجمارك. كما كشف محدثنا في ذات السياق أن السياسة المنتهجة حاليا من قبل إدارة الجمارك على مستوى الموانئ لا تخدم إطلاقا المتعاملين الاقتصاديين من المصدرين، ما بات يتطلب إعادة النظر في العديد من المسائل من أجل إدخال تغييرات في عملية تشجيع التصدير، خاصة أن مصالح الجمارك تمارس مهامها بالميناء كإداريين أكثر منه كمختصين لتشجيع عملية التصدير والنهوض بالحركة الاقتصادية في البلاد وتنميتها. رئيس الغرفة يؤكد تعفن الوضع من ميناء الغزوات إلى الطارف وفي هذا الصدد، صرح رئيس الغرفة الولائية لوهران، السيد سبوعي، أن هناك فوضى كبيرة وعارمة على مستوى ميناء الصيد بوهران نتيجة غياب المهتمين بالقطاع من أجل توفير إنتاج السمك للتقليص من أسعاره، التي أصبحت تلهب جيوب المواطنين بعدما غادرت الثروة السمكية سواحلنا "الأمر الذي دفع بنا إلى عقد اجتماع طارئ مع رؤساء ولايات الغرب من تلمسان ومستغانم وغيرها من أجل طرح الإشكال والبحث عن إيجاد آليات لتوفير الثروة السمكية على اعتبار أن أزمة السمك مجرد سحابة عابرة وليست مستوطنة، خاصة أن الصيادين من العاملين في القطاع يعيشون ظروفا اجتماعية قاسية أمام نقص إنتاج السمك وغلائه، وأيضا وضعا مزريا وهذا ليس وليد اليوم وإنما منذ الاستقلال، المعاناة متواصلة وذلك من سواحل الغزوات بالشريط الحدودي الغربي إلى ولاية الطارف". بيع المسمكة أثار غليان وتمرد الصيادين أكد ذات المتحدث أن عملية بيع المسمكة وبدون مناقصة في الجرائد الوطنية أثارت استياء الصيادين الذين كانوا يريدون الاستفادة منها على شكل تعاونية بعدها يقومون بتسديد ثمنها، خاصة أن المشروع استهوى عددا كبيرا من الصيادين المحترفين العاملين بالميناء، ما جعل الأمر يتطور وكاد يتحول إلى إضراب عام، خاصة أن المستثمر الذي استفاد منها يعد من خارج ولاية وهران بعدما حولتها له مؤسسة تسيير الموانئ بالميناء. شغور منصب مدير غرفة الصيد البحري منذ 3 سنوات زاد من تعفن الوضع قال السيد سبوعي، رئيس الغرفة على ضوء الوضعية المزرية التي تعيشها مسمكة وهران، إن المسمكة تحولت إلى مغارة مهجورة تفتقر إلى كل عمليات الشراء والبيع في غياب الماء والمراحيض وتلف واهتراء محلات المسمكة نتيجة غياب الصيانة والترميم، خاصة بعد تدفق قنوات الصرف الصحي فيها والتي باتت تعرض حياة المستهلكين للمادة للخطر وفي إحداث تسممات خطيرة في غياب عملية تعليب الأسماك وتغليفها، لأن ما يحدث اليوم مجرد إجراء لا مسؤول لحفظ الأسماك داخل صناديق متعفنة والتي تتسبب في تلف المادة بسرعة، لأن إجراءات الحفظ لا تتماشى والمقاييس المعمول بها دوليا. وما زاد الطين بلة اهتراء أرضية المسمكة التي يصعب العبور بها مع تهاطل الأمطار من كثرة الانتشار المتزايد للحفر، مضيفا أن شغور منصب مدير غرفة الصيد البحري منذ 3 سنوات زاد من تعفن الوضع ومن تأزم الأمور، خاصة أنهم طالبوا أكثر من مرة من الغرفة الوطنية بتنصيب مدير للغرفة لكن لا حياة لمن تنادي، وذلك ما زاد من تدهور الوضعية في غياب مشرف عن القطاع بعدما تحولت مديرية الصيد البحري إلى تسيير مهام أيضا مدير الغرفة لثاني ولاية بالوطن لم يتم بعد تنصيب مدير لها، للنهوض بالقطاع وبتكوين الصيادين والمهنيين للقطاع. وفي ظل هذه الوضعية المزرية التي آل إليها قطاع الصيد البحري والموارد الصيدية، والنقص الكبير المطروح في الأسواق للثروة السمكية. فقد أكد العديد من الصيادين بميناء وهران رغبتهم في تغيير نشاطهم بعدما وجدوا أنفسهم مجبرين على الدخول في البطالة بعد حالة الفقر والمعاناة اليومية لاصطياد الأسماك، لكنهم يعودون وصناديقهم فارغة، الأمر الذي بات يتطلب إعادة النظر في القطاع.