كان فوز الرئيس بوتفليقة بعهدة ثالثة ''انتكاسة'' منتظرة لرؤوس الموت من ''خوارج'' تنظيم ما يسمى ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال''، التي راهنت على بقائها ب''فشل سياسة المصالحة''• فقد عاش هذا التنظيم الدموي قبيل ومع إعلان بوتفليقة رئيسًا للجزائريين بأغلبية ساحقة، شتاتًا وتفتتًا غير مسبوقين، حيث بدأت كتائب الصحراء تتخلى عنه وقررت الالتحاق بالمصالحة، وهي كتائب كانت، إلى وقت قريب، رئة التسلح الإرهابي، ويستعد رؤوسها الآن وفي مقدمتهم مختار بلمختار (أبو العباس) لتسليم أنفسهم، فيما انشقت كتيبة ''بوكحيل'' في الجلفة إلى ثلاث مجموعات، وينتظر نزول 300 إرهابي من جبال بولايات الشمال أعلنوا تطليقهم للعمل الإرهابي حسب أهاليهم• أفادت مصادر على اطلاع بالملف الأمني، بأن كتائب الصحراء بإمارة مختار بلمختار المكنى ''أبو العباس''، الأمير السابق للمنطقة التاسعة في تنظيم دروكدال، تستعد لتطليق السلاح والتخلي عن العمل الإرهابي في غضون أسابيع، بعد نجاح المفاوضات التي قادها وسطاء، من أشهر أسماء وجوه الصحراء، وآخرين من رجال المقاومة، الذين تمكّنوا من إقناع بلمختار بصدقية الضمانات المقدّمة لأسرته، خاصة والدته، التي سعت هي الأخرى بكل ما تملك لإقناع ابنها بصدق نوايا السلطة في تمكينه، هو وأتباعه، من تدابير المصالحة الوطنية، ومستقبلا من العفو الشامل بعد استفتاء الشعب حوله، حيث التقت والدة بلمختار مسؤولين سامين تحدثت إليهم ونقلت رسائلهم إلى ابنها، وكانت - مثلما تردد - بمثابة قطرة ماء أطفأت جمرة تردد بلمختار• وأفادت نفس المصادر بأن أولى بوادر تسليم مختار بلمختار نفسه كانت عندما تأكد أن العمل المسلح الذي اختاره من قبل لاعتبارات وقناعات ''جهادية'' تأكد - حسب ما يرويه آخر رفقائه التائبين - أنها خاطئة بعد سماع فتاوى العلماء، وبعدما ••••• دروكدال المنهج الجهادي من خلال التفجيرات الانتحارية، فضلا عن أن بلمختار - حسب ما يرويه رفقاؤه السابقون - لم يؤمن يوما ب''عالمية العمل المسلح'' باسم ''الجهاد'' في الجزائر، على اعتبار أن التحاق الجماعة السلفية بتنظيم القاعدة كان من أجل تحرير رفيقه عبد الرزاق ''البارا'' الذي احتجزته المعارضة التشادية وليس أكثر من ذلك• وهو ما عمل تنظيم دروكدال عليه لاسترجاع ''البارا'' ومن معه حيًّا، بالتنسيق مع أبو مصعب الزرقاوي في العراق، تحت إمرة بن لادن، ليضغط على المعارضة التشادية باختطاف فرنسيين هناك، ومساومتهم في ذلك مقابل إطلاق سراح ''البارا'' على اعتبار أن المعارضة التشادية من حلفاء فرنسا، وهذه الأخيرة لن تتردد في تنفيذ الطلب والضغط على حليفها التشادي• بلمختار قرر التخلي عن دروكدال بعد التحاق الأخير بتنظيم بن لادن لكن وبعد أن علمت المخابرات الفرنسية بالمخطط المرسوم من طرف الجماعة السلفية وتنظيم القاعدة، من خلال التنصت على المكالمات الهاتفية والاتصالات عبر طريق الإنترنت، أمرت المعارضة التشادية بتسليم ''البارا'' إلى السلطات الجزائرية قبل اختطاف أي من رعاياها الفرنسيين في بلاد الرافدين، ما جعل الانضمام إلى القاعدة بالنسبة لبلمختار أمرًا انتهت دواعيه، وهناك قرر بلمختار التخلي عن العمل الإرهابي باسم ''الجهاد'' تحت لواء الجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي أصبحت تسمى ب''القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي''• وهنا قام دروكدال بتعويض بلمختار ''المتمرد عليه'' والمستقيل من دون إعلان ذلك، ب''أبو عمار التيارتي'' كأمير للمنطقة التاسعة في الصحراء، لكن سرعان ما تبيّن أن الصحراء لن تقبل فيها أميرا غير بلمختار، إلا برضاه هو، بدليل أن أبو عمار انضوى تحت لواء بلمختار، وأصبح دروكدال لا يملك سلطة على الصحراء ولا صلة له بهم، باستثناء رجله البار فضيل في كتيبة بوكحيل في الجلفة• وأثبت بلمختار لدروكدال أنه الوحيد الذي لا بديل عنه، مثلما سبق ل''الفجر'' أن نقلته على لسان أمراء تائبين في مسعد بولاية الجلفة• لكن بلمختار كان قد حصر تحركاته وأوقف عمله المسلح واستقر لدى أصهاره في شمال مالي، وقد شرع موازاة مع ذلك، في استكمال اتصالات مع السلطات كان قد شرع فيها من قبل لإعلان توقفه عن العمل المسلح واستعداده لتسليم نفسه في إطار تدابير المصالحة الوطنية• وكان قد قدم مقابل ذلك طلبًا بتوفير الضمانات التي تسمح له ولأتباعه بالتوبة في إطار تدابير المصالحة الوطنية• كتيبة بوكحيل في الجلفة تنقسم إلى مجموعات والتوبة المؤجلة تتحقق جرت عدة اتصالات، تعددت الروايات حولها، بين من يقول أن بلمختار فرض شروطا مقابل تسليم نفسه، وبين من يقول أنه طلب إرجاءه مدة معينة لتسليم نفسه، وهي المدة التي سيضع من خلالها كل أتباعه والمتعاملين معه في الصورة، وتمكينهم هم أيضا من نفس التدابير، على اعتبار أن التفاوض معه كان على أساس أنه يجب عليه إخماد نار الفتنة في المنطقة• وبالفعل نجح بلمختار - بالاستناد إلى ما يرويه من هم على صلة بالملف - إلى حد بعيد في افتكاك تبعية معظم عناصر كتائب الصحراء، منهم عناصر كتيبة ''طارق بن زياد'' التي يقودها عبد الحميد أبو زيد، باستثناء هذا الأخير، وكتيبة بوكحيل في مسعد بولاية الجلفة وكتيبة ''الملثمين'' الذين أبدوا، جميعًا، موافقتهم على مسعى بلمختار في الانخراط في مسعى المصالحة الوطنية• بلمختار يقنع مموني الجماعات الإرهابية بالتوقف عن بيعهم الأسلحة وسعى بلمختار إلى إقناع كل مموني الجماعات الارهابية بالأسلحة، انطلاقا من دول الساحل، بالتوقف عن ذلك، مع من يدّعون صلتهم بالجماعات الإرهابية في الشمال، واستعان في ذلك بشيوخ قبائل توارق المالي والنيجر وأصهارهم - حسب نفس المصادر - في إطار ما تم التفاوض عليه مقابل تسليم نفسه• وفي الوقت الحالي قدم بلمختار ''عربون حسن النية'' حسب ما فسّره متابعون لملفه، من خلال تمكين رهائن أجانب من الحرية وافتكاكهم من بين أيدي أخطر المهرّبين الذين اختطفوهم، وتبنّت ''القاعدة'' على نفس النحو الذي تبنت به مهاجمة طائرة جانت - على اعتبار أن تبني العملية كشف فيما بعد أنها من تنفيذ تنظيم شباني في الصحراء، وقعت رؤوسه المدبّرة، ولا صلة لها بالقاعدة - وعلى نفس النحو أصبحت القاعدة تتبنى أي عمل مماثل رغم عدم صلتها به• ''أبو العباس'' وراء لغز الإفراج عن الرهائن وتشير مصادر ''الفجر'' إلى أن مختطفي السياح الأجانب الأخيرين نفذها كبار المهربين المرتزقة رفقة بعض عناصر كتيبة ''طارق بن زياد'' وأتباع جوادي يحيى الذين أرادوا المساومة من أجل فدية باسم تنظيم ''القاعدة''، ولم يظهر أحد من أتباع دروكدال في الصورة مع السياح شمال مالي، سوى عناصر وأمير كتيبة ''طارق بن زياد'' هذا الأخير الرافض لمساعي بلمختار• وما يرجّح أن يكون قد تم فيما يخص تحرير الرهائن الأربعة، حسب مصادر ''الفجر''، أن'' أبو العباس'' هو من أنجح ذلك بعد ضغطه على المختطفين• من جهة أخرى تجزأت كتيبة بوكحيل إلى ثلاث مجموعات، ينتظر أن تسلم نفسها بعد ابتعادها عن معقل بوكحيل، في حين حاول بعض من رفضوا تسليم أنفسهم تهديد تائبين دعوا المسلّحين إلى النزول بغرض تثبيط العزائم ومطالبتهم بسحب نداءاتهم• ومن جهة أخرى، يستعد أزيد من 300 مسلّح لتسليم أنفسهم، من نشطاء كتائب تبسة وسكيكدة والجلفة وعين الدفلى والشلف وتلمسان وتيزي وزو وبومرداس، لكن لاعتبارات تتعلق بالإجراءات الأمنية، تأجّل نزولهم بعد استقرارهم بأماكن آمنة خارج معاقل التنظيم الإرهابي للجماعة السلفية، لإجراءات قالت مصادر ''الفجر'' إنها تتعلق بضمانات تمكّن من نزول من تبقوا على اعتبار أن من قرروا تطليق السلاح عرضوا فكرة التحاق آخرين بنفس الطريقة، مما يستلزم إقناعهم بما هو متوفر من ضمانات ليتقرر توسيع دائرة ''التوبة'' وتمكين عدد مضاعف من نفس الإجراءات• ومن خلال هذه المعطيات فإن التنظيم الإرهابي المسمى ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال'' سيصبح - على مدار الأشهر القليلة القادمة، حتى لا نقول أسابيع - بعدد لا يزيد عن عشر ما كان عليه قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو ما اعتبره متابعون للشأن الأمني ''زوالا'' مرتقبا لها•