قال مالك بن دينار خرجت إلى الحج، وفيما أنا سائر إذ رأيت غراباً في فمه رغيف فقلت هذا غراب يطير وفي فمه رغيف، إنّ له شأناً••• فتتبعته حتى نزل عند غار فذهبت إليه، فإذا بي أرى رجلاً مشدوداً لا يستطيع فكاكاً والرغيف بين يديه• فقلت للرجل من تكون؟ فقال أنا من الحُجّاج، أخذ اللصوص مالي ومتاعي وشدوني وألقوني في هذا الموضع كما ترى وصبرت على الجوع أياماً ثم توجهت إلى ربى بقلبي، وقلت يا من قال في كتابه العزيز''أّمَّن يٍجٌيبٍ الًمٍضًطّرَّ إذّا دّعّاهٍ يّكًشٌفٍ السَوءّ••'' (النمل26)، فأنا مضطر فارحمني فأرسل الله هذا الغراب بطعامي• قال مالك بن دينار فحللته من الوثاق ثم مضينا فعطشنا، وليس معنا ماء فنظرنا في البادية فرأينا ظباء فدنونا، فنفرت منا الظباء، فلما وصلنا إلى بئر كان الماء في قعرها، فاحتلنا حتى شربنا وعزمت ألا نبرح ( أي نغادر) المكان حتى نسقي الظباء فحفرت وصاحبي حفرة وملأناها بالماء، فأقبلت الظباء وشربتْ حتى ارتوتْ، فإذا هاتف يهتف بي ويقول يا مالك، دعانا صاحبك وتوجه إلينا بقلبه ونفسه فأجبناه وأطعمناه وحللنا وثاقه وسقيناه، وتوكلت علينا الظباء فسقيناها•