أصبحت ''مباريات'' مناطحات الكباش تمارس على مدار أشهر السنة بمدينة ميلة، حيث تنظم دورات المناطحة في مساحات مخصصة لذلك، أين تتنقل جماهير غفيرة صغار وكبار للاستمتاع بصوت تناطح القرون• كباش تدرب على طريقة ''روكي'' أكد لنا السيد بوطمطوم، وهو أحد المربين صاحب الكبش ''الغول'' أنه يقوم بتدريب كبشه تدريبات شاقة ومنتظمة، كما أنه يوفر له أحسن وأجود الكلأ، إضافة إلى عرض الكبش بصفة شهرية على الطبيب البيطري، ويصرف ما يقارب 4000 دينار شهريا من أجله• وأضاف المتحدث أنه يعطي خروفه مقويات على شكل حقن والفيتامينات التي من شأنها أن تعطي للخروف قوة التحمل أثناء المنازلات هذه الأخيرة التي تكون دائما ضد كباش ذوي قوة بدنية هائلة• ويضيف بوطمطوم أنه يحرم نفسه من بعض الضروريات من اجل توفير الكلأ والدواء ل''الغول'' لأنه حسبه أصبح فردا من عائلته، وقد وقفت ''الفجر'' على هذه الحقيقة، إذ أن ''الغول ''لا يتحرك إلا بأمر من صاحبه• وأكد لنا بوطمطوم أنه لا يقوم بنزال الكباش من أجل المال والقمار ولكن من اجل المتعة ''فأنا أنسى هموم اليوم والمعاناة مع البطالة، عندما أشاهد خروفي ينازل بكل ما أوتي من قوة، خاصة وأن خروفي من بين أقوى الخرفان في المنطقة''، حيث أنه ربح معظم المنازلات التي دخل فيها فأرجع إلى المنزل وأنا جد سعيد خاصة إذا حقق فوزا، أشار إلى أنه سيتنقل به إلى الولايات المجاورة للمشاركة في بطولات النطاح• ومن جهة أخرى أكد السيد بلدية أن كبشه وصل سعره في سوق كباش المناطحة إلى غاية 16 مليون ولم أبعه، لأن غايتي ليست جمع المال أوالربح، يقول، بل المتعة• المطالبة بتقنين اللعبة وإنشاء مساحات خاصة بها وطالب المتحدث وبعض المربين السلطات المحلية بتقنين هذه الرياضة ومنحهم مساحات مخصصة للنطاح، كما هو حاصل في الولايات الأخرى كعنابة وسوق أهراس والطارف، والتي تملك مساحات وملاعب خاصة بالمناطحة ولما لا إنشاء جمعيات خاصة بهذه الرياضة• وأكد أحد مختصو علم الاجتماع بميلة أن من أهم أسباب تفشي الظاهرة في المجتمع هي ضعف الوازع الديني أو غيابه تماما، وهذا بسب فشل الخطاب الديني في ردع مثل هذه الظواهر، حيث أن الظاهرة أصبحت ظاهرة للعيان دون رد أي فعل سواء من السلطات أو المساجد• هذه الأخيرة - حسبه - يقع عليها دور كبير في الحد من انتشار هذه الظاهرة التي اعتبرها ''بربرية وحشية، ومن صفات الجاهلية الأولى''• عدم وجود قانون يمنع هذه الممارسات ساهم في تنامي الظاهرة أكد الأستاذ فصيح، وهو محامي بميلة، أنه لا توجد مادة قانونية تمنع مثل هذه الممارسات، حيث أن المشرّع الجزائري لم يتطرق للتحريش بين الحيوانات بل تطرق إلى الضرر الذي يمكن أن يسببه الحيوان والذي يتحمل مسؤوليته مالكه• وأكد الأستاذ فصيح أنه أصبح من الضروري وجود مادة قانونية تعاقب على مثل هذه الممارسات لما تخلفه من ضرر على الحيوان وتؤثر على الحالة النفسية للإنسان، خاصة المراهقين منهم والأطفال واكتسابهم سلوكا عدوانيا• المال الذي يكسب من مصارعة الكباش حرام من جهة أخرى، أوضح الشيخ محمد شارف، رئيس لجنة الفتوى سابقا، أن ظاهرة المصارعة بين الكباش هي من التقاليد السيئة التي أصبحت تظهر في مجتمعنا، خاصة قبيل عيد الأضحى، مؤكدا أن هذا السلوك غير جائز من الناحية الشرعية، وأن أضحية العيد هي وسيلة للتقرب من الله وشعيرة من شعائر الدين، يجب أن تحترم عوضا عن تحويلها إلى لعبة للتسلية والتباهي بين الناس والقمار، مضيفا أن هذا الأمر حرام وسحث، وأنه لا يجوز الانتفاع بالأموال التي يتحصل عليها بمثل هذه الوسائل والطرق• وأكد الشيخ حول انعكاسات هذه الظاهرة على الدين الإسلامي عموما والسنة النبوية خصوصا، أن السنة ليست في خطر لأن الدين محفوظ وأغلب الناس على دراية بآداب وشروط الأضحية، ولكن سلوك هؤلاء الناس يجعلهم يضيعون الأجر العظيم الذي جعله الله للمضحي ويبدلونه بالوزر والإثم، كما حذر في حالة من تواصل هذه الأعمال ومن احتمال توريث ظاهرة سيئة للأجيال القادمة، لاسيما الأطفال فيحملون فهما سيئا وخاطئا عن عيد الأضحى والأضحية، وتقديم وجه قبيح للمجتمع الإسلامي في نظر المجتمعات الأخرى غير الإسلامية، مختتما أن الكباش من بهيمة الأنعام التي خلقها الله تعالى لخدمة الإنسان لينتفع بها في الوجوه المختلفة لإعمار الأرض•