تسعى الصّين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتّحدة، إلى تأمين احتياجاتها النفطية من خلال ربط علاقات اقتصادية متينة مع الجزائر، البلد الذي يتوفر على طاقات البترول والغاز، معتمدة على استراتيجية عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول التي تتعامل معها المنطقة، لإعطاء عملية الاستيراد طابع تجاري محض• وحسب دراسة يعود تاريخها إلى عام 2006 فإن شركات الطاقة الصينية تسعى إلى السيطرة على حقول النفط والغاز في الجزائر وعدد من دول المشرق، على غرار سوريا وإيران والسعودية وكذلك العراق• وبالتالي فإن الصين تركز اهتمامها على منطقة توصف بأنها غير مستقرة سياسيا، لكن ليس أمامها خيارات أخرى لاسيما أن هذه الدول تملك احتياطيات نفطية ضخمة. ويرى إيبرهارت زاندشنايدر، خبير الشؤون الصينية لدى المؤسسة الألمانية للسياسية الخارجية، أن الإستراتيجية التي تتبعها بكين واضحة، حيث يقول''من المؤكد أن المصالح الاقتصادية الصينية تحظى بالأولوية، وبإمكاننا أن نسهب في انتقاد الصين عندما تولي اهتمامها حقول نفط في دول مثل إيران أو الجزائر''، مشيرا إلى وضع حقوق الإنسان فيها والجدل الدائر حول كيفية التعامل مع الأنظمة الحاكمة فيها. ويضيف الخبير قائلا: ''من جهة أخرى، لا أعتقد أن الدول الغربية تمارس في هذا الإطار سياسة مختلفة عن السياسة الصّينية''، وتعتبر الصين حقول النفط الجزائرية أهم عامل خارجي لضمان وارداتها النفطية، بعد أن تمكنت الصين في السنوات الأخيرة من خلق ورشات والاستحواذ على عدد من المشاريع الكبرى بالجزائر، كما ساهم ذلك في تشغيل اليد العاملة الصينية، لذلك ترى الصين وعلى يد مفوضيها الاقتصاديين لدى الجزائر أن الوقت قد حان لتوسيع دائرة نشاطها الاستثماري، بالتوجه نحو الطاقة واستغلال الثروة المحلية التي سترفع من مداخيل الصين الخارجية• ويتهافت المبعوثون الصّينيون على منطقة الخليج العربي وشمال إفريقيا، للتّفاوض مع شركاء محلّيين بهدف ضمان مصادر نفط جديدة وتوقيع عقود تنظم عملية إمداد الصّين بالذهب الأسود• ويتوقّع خبراء أن ما يصل إلى ثمانين بالمائة من إمدادات الصّين النفطية في عام 2012 ستكون من هذه المناطق، التي تضمّ أكبر دول منتجة للنفط• وعليه، قد تدخل الصّين بثقلها الديمغرافي في تبعية لمزوّدين على غرار السّعودية أو إيرانوالجزائر أكبر من تبعيّة الولاياتالمتحدة أو أوروبا للدول المصدرة للنفط في المنطقة• وتشير إحصائيات الوكالة الدولية للطاقة أن حاجيات الصّين من النفط ستضاهي بحلول عام 2012 حاجيات بقية الدّول الآسيوية مجتمعة• وبحلول عام 2020 سيتعيّن على الصّين استيراد 60 بالمائة من حاجياتها النفطية• وعليه، تقول كارين كنايسل إن دول منظمة الأوبك مهيّأة لتصدير النفط مستقبلا إلى الصّين، على غرار الجزائر التي تعرف طاقتها بالنوعية عالميا، وامتلاكها لاحتياطي وقدرات إنتاجية مكنتها مكن احتلال المراتب الأولى دوليا، خصوصا وأن رئيس منظمة الأوبك، يكون وزير الطاقة شكيب خليل، وعلى الرّغم من أنّه لا توجد حتى الآن أنابيب لتصدير النفط إلى الصّين، إلا أن ذلك قد يتغير في أي لحظة، حسب الخبيرة• وبالتالي فإن الدول المنتجة للنفط بدأت تهيئ نفسها أكثر فأكثر لبيع الذهب الأسود للصين، خاصة وأن التنين يشكو من عطش نفطي كبير•