قبل أقل من شهر عن موعد المواجهة الحاسمة ضد مصر ماذا يمكن أن تقول؟ بقي 26 يوما بالضبط (الحور أجري ليلة أول أمس) فأنا أحسب لهذا الموعد بالدقائق والساعات قبل الأيام، لأن المباراة ليست عادية وهي فرصة للمنتخب الوطني لكي يعود إلى الواجهة بعد طول غياب· لكن مهمة ''الخضر'' لن تكون سهلة داخل قواعد الفراعنة؟ هذا أمر مؤكد، لكن ما يجب التأكيد عليه أيضا هو أن المقابلة ستكون صعبة على الطرفين وبدرجة أكبر على المنتخب المصري لكوننا متقدمين عليه في الرصيد بثلاث نقاط وفارق الأهداف· قبل التحدث عن مواجهة 14 نوفمبر القادم، هل يمكن أن تعود بذاكرتك 20 سنة إلى الوراء وبالضبط يوم 17 نوفمبر 1989؟ في الواقع منتخبنا في تصفيات مونديال إيطاليا كان رائعا وسجل تقدما واضحا في مجموعته التي ضمّت آنذاك منتخبي كوت ديفوار وزيمبابوي مع تسجيل انسحاب ليبيا· لكن شيئا ما أصاب الفريق الوطني وجعله لا يبرز كل إمكانياته في مواجهة الدور الأخير ضد مصر ولهذا فقد سهلنا مهمة الفراعنة بتعادلنا معهم بقسنطينة· في تصفيات مونديال إيطاليا فزنا على زيمبابوي ذهابا وإيابا وتعادلنا في أبيدجان وروّضنا الفيلة بقواعدنا فما حدث قبل مواجهة مصر؟ عانينا من ضغط رهيب، فتصوروا أن تدريباتنا التي سبقت اللقاء كانت تجرى دوما بحضور 40 ألف متفرج فهذا الأمر أفقد اللاعبين تركيزهم وجعلنا نلعب أضعف مباراة لنا ضد مصر في قسنطينة· التعادل وقتها لا يعني الإقصاء والحسم تأجل إلى مباراة العودة في القاهرة فماذا حدث ؟ قبل تنقلنا إلى مصر كان المدرب كمال لموي قد ترك العارضة الفنية لكرمالي الذي استهل مشواره مع ''الخضر'' بلعب مواجهة كبيرة في إيطاليا ضد منتخب لاسكوادرا أزورا، لكن الغلطة وقتها كانت حسب رأيي في تنقلنا المبكر إلى القاهرة حيث كنا هناك قبل أسبوع كامل عن موعد المباراة وعشنا ظروفا عسيرة من الفراعنة الذين عملوا على استفزازنا والنيل من معنوياتنا· بغض النظر عمّا سبق المباراة، منتخبنا وقتها لم يتمكّن من الرد على الهدف المبكر للمنتخب المحلي؟ صراحة منتخبنا قدم أداء مشرفا وقتها بشهادة كل المتتبعين، لكن الحكم التونسي علي بن ناصر كان منحازا بشكل فاضح إلى كفة المصريين· في لقطة الهدف الوحيد الذي سجله المنتخب المصري كنت قريبا من مسجله حسام حسن، فهل أفلت منك أم ماذا حصل؟ لا لا لم يهرب مني وإنما فتحة مجدي عبد الغني كانت بين يدي حارسنا العربي الهادي، لكن هذا الأخير تعرض لاعتداء أفقده وعيه وعوض أن يعلن الحكم مخالفة لصالح الحارس هرول نحو منتصف الميدان بطريقة بدا لي فيها أنه احتفل مع المصريين بهذا الهدف· نفهم من كلامك أن هدف مصر غير شرعي؟ أي شخص حتى لو كان مبتدئا في الكرة سيؤكد أن أي احتكاك مع حارس المرمى يعني مخالفة لصالح هذا الأخير، فكيف لضربة مباشرة أدخلت العربي وقتها غرفة الإنعاش لمدة ست ساعات في مستشفى القاهرة ونقول إنه هدف شرعي؟! لكن هناك نقطة مهمة يجب أن نقف عندها··· تفضل···؟ وقتها فازوا علينا ولم نسلم منهم لا نحن ولا أنصارنا فماذا لو فزنا، فالأكيد أننا كنا سنموت هناك فصراحة مواجهة القاهرة ورغم أنه قد مر عليها 20 سنة إلا أنها تبقى ذكرى سيئة بالنسبة لي شخصيا··· لعبنا ضد مصر عامي 1984 و1989 ورغم قوة منتخبنا في تلك الفترة إلا أننا لم نتخطاهم؟ لقد كان تباين مستوى المنتخبين واضحا آنذاك ولصالحنا لكن قوتهم كانت تكمن في لعبة الكواليس، فهل يعقل أن نلعب دوما مواجهات العودة لصالحهم؟! فمثلا صحيح أنهم فازوا علينا في جانفي 1984 بطريقتهم الخاصة داخل معقلهم ثم التقيناهم بعد شهرين في نهائيات كأس إفريقيا بكوت ديفوار ولقّناهم درسا في كرة القدم وفزنا عليهم بثلاثية زائد ''السينما''··· سعدان فاز عليهم في آخر مباراتين بيننا خلال الكان 2004 بتونس وعاود التألق على حسابهم ذهابا في التصفيات الحالية· فهل ستكون المواجهة القادمة ثالثة الاثنين كما يقول المثل الفرنسي؟ لِمَ لا···لدينا مجموعة رائعة من اللاعبين المحترفين القادرين على العودة بالفوز عاديا من القاهرة، كما أن محيط منتخبنا جيد جدا، فالعارضة الفنية يشرف عليها خبير كروي، ولا يتوقف الأمر عند حدود المدرب، بل يمتد أيضا للمسؤولين المحيطين به فروراوة والحق يقال يقوم بعمل كبير وإن شاء الله سيثمر بالعودة للمونديال بعد غياب لقرابة ربع قرن· تقول بعض الأطراف إن منتخبنا يجب أن يلعب بثلاثة محوريين، وبصفتك أحد أبرز لاعبي هذه المنطقة هل تؤيد هذه الفكرة؟ رغم أني كنت مدافعا إلا أن نصيحتي للمدرب سعدان هي أن لا يعتمد على خطة دفاعية لأننا لو نتراجع كلية سنتحمّل ضغط المباراة وقد ندفع الثمن غاليا· وحسب رأيي المتواضع يجب أن نستغل حيوية لاعبينا، فمثلا مدافعينا عودونا على الصعود للهجوم وفي القاهرة يجب أن يكونوا كذلك حتى ندافع بعيدا عن منطقتنا وبقليل من الصبر وبكثير من العزيمة سنحقق ما نصبوا إليه· تبدو متفائلا جدا؟ والله تفاؤلي مصدره ثقتي الكبيرة في سعدان وأشباله، فنحن بصراحة نملك منتخبا رائعا يستحق المشاركة في منافسة بحجم كأس العالم· لكن ألا ترى أن منتخبنا كان بإمكانه أن يجعل التنقل إلى مصر شكليا؟ كلنا كنا نتمنى ذلك، لكن يجب أن نقدّر ما قام به المنتخب الذي لعب مواجهتين تحت ضغط كبير جدا بقواعده· وصراحة أنا شخصيا كنت متخوفا جدا من مواجهة زامبيا بالبليدة والحمد لله تخطينا عقبتها بنجاح أما رواندا فهي منتخب متواضع جدا ولولا أن لاعبيها ''داروا السينما'' والمظالم التحكيمية الكارثية لفزنا عليهم بنتيجة أثقل· لكن المهم أننا فزنا ونتواجد في صدارة مجموعتنا بعد أربع انتصارات متتالية ودون أي انهزام وهذا ما جعلنا أفضل بكثير من المنتخب المصري· وعموما يجب نسيان ما فات والتفكير فيما هو قادم لأنه سيكون أحلى وهنا أريد أن أتوجه برسالة للجمهور··· تفضل··· أعلم أن عددا معتبرا من الجزائريين سيتنقل إلى القاهرة وبقية الشعب بكل طبقاته سيتابع المباراة بكل جوارحه وبخبرتي في عالم الكرة أؤكد لهم بأن منتخبنا سيعود بالتأهل من مصر رغم كل الظروف· هل من توضيحات أخرى؟ منتخبنا أصبح في الفترة الحالية أكثر نضجا ويتصرف باحترافية منقطعة النظير، فرغم السيناريو الأسود الذي عاشه في المواجهة الأخيرة ضد رواندا إلا أن لاعبينا تصرفوا بحكمة وعقلانية وخرجوا منتصرين على الخصم والحكم وهذا ما زاد من تفاؤلي· وفي المقابل، فالمنتخب المصري شهد تراجعا ملموسا ولم يعد كما كان في 2006 و2008 ولهذا أقولها بصراحة أتوقع أن منتخبنا سيفوز في مصر بهدف لصفر· هل ستكون حاضرا في مصر لتشجيع ''الخضر''؟ لقد اطلعت عبر الجرائد على نية الفاف في نقل اللاعبين القدماء لحضور المواجهة وعلى لسان كل اللاعبين أؤكد عبر جريدتكم بأننا ''مادابينا نروحوا'' لمساندة لاعبينا وتقديم الدعم المعنوي لهم ومساندتهم ويا حبذا لو تتجسد هذه المبادرة مثلما تفعل كل المنتخبات الكبيرة· ومنذ متى لم تزر أم الدنيا؟ آخر زيارة لي لمصر كانت العام الماضي حيث شاركت في المباراة الاعتزالية للحارس نادر السيد وهذا ما يؤكد أننا نعرف بعضنا جيدا· هل تعلم أن صورك ما تزال تزين خاصة محلات باب الجديد في تونس حيث يتواجد عشاق النادي الإفريقي الذين أخبرونا مؤخرا بأنهم يشجعون الجزائر لأجل مغارية؟ الحمد لله حب وتقدير الناس لا يقدّر بأي ثمن· وقد كنت مخلصا للنادي الإفريقي مثلما أخلصت لكل الألوان التي حملتها وتركت مكاني نظيفا فبقي كذلك، لأن مبدئي في الحياة ''وين تحط روحك تلقى روحك''· لِمَ ترفض العمل في بطولتنا الأولى؟ عملت سابقا في فريقي جمعية الشلف وساهمت في إعادته لحظيرة النخبة ثم انسحبت لأن المحيط الكروي تعفن كثيرا وأصبح لا يساعدني، لذلك فأنا أفضل العمل مع الفئات الصغرى كمدرب للشباب لكون العمل مع هؤلاء ''نظيف'' وليس به كواليس أو صراع على المادة· بِمَ تود أن نختم هذا الحوار؟ أشكركم على هذه الالتفاتة وإن شاء الله منتخبنا سيعود بالتأهل من مصر لتعود الأفراح الكروية لبلدنا لأننا عشنا ما يكفي من الإخفاقات ويجب فتح صفحة جديدة مع الانتصارات لإسعاد أمة بأكملها···