إلا أن الشباب ''السدراتي'' متعلق بالكرة إلى درجة كبيرة وكبيرة جدا لدرجة أن المقاهي تكون ممتلئة عن آخرها لمتابعة مختلف المباريات على اختلاف أهميتها، ويزداد الاهتمام عندما يتعلق الأمر بابن المنطقة عنتر يحيى وخاصة عندما يحمل شارة قائد بوخوم الألماني، ثم تتوسع الصورة لتشمل كل الدائرة عندما يتعلق الأمر بالخضر وهو ما لمسناه في الزيارة التي قمنا بها أول أمس الخميس إلى سدراتة لنعود لكم بأدق التفاصيل عن المدافع الصخرة عنتر يحيى ابن سدراتة• أشهر عائلات سدراتة تعد عائلة يحيى من أشهر العائلات الموجودة بسدراتة، وبمجرد وصولنا اتصلنا برئيس اتحاد سدراتة الحاج مسعود بولوح الذي قادنا لابن عمه ناصر الذي يملك ورشة لتنظيف السيارات، وما إن قصدناه حتى رحب بنا واستسمحنا لدقائق حتى يغير ملابسه ويكون تحت تصرفنا وهو ما حدث حيث عاد وبيده مجموعة من الصور ومعه شرعنا في التحدث عن كل ما يخص عنتر وعلاقته بسدراتة• إصابته لا تدعو للقلق وسيشارك في المقابلة بداية حديثنا مع ناصر يحيى الذي يشبه إلى حد كبير ابن عمه عنتر كانت بالاستفسار عن حالة مدافع الخضر وقد أجابنا المعنى بصراحة بأنه حاول الاتصال بعنتر عدة مرات لكنه فشل في ذلك لكون هاتفه مغلقا وهو ما أقلقه، فاتصل بعمه بوساحة الذي هو والد عنتر فأعلمه بأنه بخير وحالته لا تدعو للقلق، ولأن الاستفسار عن حالة عنتر لا يخص عائلة يحيى وحدها بل كل سدراتة، ولا نبالغ إذا قلنا أنها تهم كل الجزائر، فقد نقل له انشغال جيرانه فطمأنهم بأن عنتر ينتظر مباراة مصر بشغف ويراها مباراة العمر، وأنه سيشارك بكل تأكيد خاصة وأن إصابته لا تدعو للقلق بل تتطلب منه الخلود للراحة لبضعة أيام لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة• المونديال حلمه الأكبر وسيؤهلنا لا محالة انتشر هذا الخبر في سدراتة انتشار النار في الهشيم، وجدد أملها في تألق جديد لابنها البار لدرجة أن الكثير منهم يجزم بأن عنتر سيكون نجم المباراة وهو من سيمضي شهادة عودة الجزائر إلى المونديال بعد ربع قرن من الغياب، هذا ما قاله ناصر على لسان كل ''ناس سدراتة'' المتعلقين بنجمهم الكبير ويفتخرون به لكونه لعب بأشهر البطولات العالمية• بوخوم الفريق الأول لسدراتة يقلب ناس سدراتة ترتيب الدوريات العالمية على مقاسهم فهم لا يعترفون بأن التفوق لليغا الإسبانية أو الدرع الإنجليزي الممتاز أو حتى الكالتشيو الإيطالي لأن اهتمامهم الأكبر هو للبوندسليغا الألمانية• ويعد بوخوم الفريق الأول في سدراتة والسبب طبعا تواجد عنتر قائدا له ثم يليه كل من فولفسبورغ فريق زياني وموشنغلادباخ فريق مطمور• كل شيء عن عنتر يحيى طلبنا من ناصر أن يسرد علينا كل ما يتعلق بابن عمه فوجدناه يحفظ كل شيء عن مشواره الكروي، ومنه علمنا أنه بعد يومين من نهاية الكأس الإفريقية للأمم لعام 1982 بليبيا التي أحرقت وقتها أعصاب الجزائريين وضعت السيدة الزهراء يحيى زوجة السيد بوساحة ولدا بهي الطلعة اختارت له من الأسماء اسم عنتر بمدينة بلفور الفرنسية، والذي سبقه 6 من أخوته (3 ذكور و3 إناث) ليكون مسك ختام أبناء بوساحة وتزامن ميلاده مع بداية فصل الربيع فهو من مواليد 21 مارس 1982 لكن فرحة الأب بوساحة بابنه الصغير سرعان ما عكرتها صعوبة العيش، ومع قدوم عنتر بدأ يفكر بجدية في العودة لأرض الوطن وبالضبط إلى سدراتة• دخل سدراتة في الثالثة من عمره بعد أخذ ورد كبيرين اتخذ الأب قرارا بالعودة إلى موطنه الأصلي بسدراتة عام 1985 وقتها كان الطفل عنتر يكبر شيئا فشيئا ويخطف الأنظار بذكائه الخارق، وقد استقر بحي المستقبل في سدراتة، وفي ذات المدينة استهل مشواره الدراسي في مدرسة شرفي محمد الخذير أين درس 3 سنوات الأولى، لكن عدم تمكنه من العربية رفقة أشقائه جعلهم يلقون صعوبات كبيرة في الدراسة فما كان على الأب سوى أن اتخذ قرارا بالعودة إلى فرنسا• شقيقه نور الدين هو من أدخله عالم الكرة كانت طفولة عنتر هادئة لأنه كان وديعا، وذات مرة وهو في العاشرة من عمره اصطحبه شقيقة نور الدين لمرافقته إلى الملعب حيث كان هذا الأخير سيلعب مباراة كروية، وبمجرد مشاهدته لأجواء الملاعب تعلق بها وألح عليه أن يكون مثله، فما كان من شقيقه سوى أن ضمه للنادي الأقرب فالتحق براسينغ بلفور وهو في الحادية عشرة من عمره ومن هنا بدأت الرحلة• تكوّن في مدرسة سوشو ثم خطفه الإنتر بعد 3 مواسم قضاها مع نادي راسينغ بلفور قرر عنتر أن يكوّن لنفسه قاعدة متينة فاتخذ قرارا شجاعا بالانضمام للمركز التكويني لنادي سوشو، فكان ابتعاده عن عائلته أكبر هاجس له، لكن صبر وثابر حتى نال استحسان المسؤول عن الفئات الشابة لمنتخب الديكة فاستدعاه لمنتخب الأواسط لكن هذا الخبر لم يسعد عائلته وخاصة والده الذي لم يهضم أن فلذة كبده يحمل الألوان الفرنسية وأسلافه من عائلة يحيى لهم ماضي ثوري كبير، وبصعوبة كبيرة قبل الوالد بوساحة على أمل أن تتغير الأمور مستقبلا وينضم ابنه لحمل ألوان بلده الأصلي الجزائر• عنتر جنبا إلى جنب مع رونالدو بقيادة ليبي استدعاء فرنسا لعنتر يحيى لمنتخبها للأواسط لم يكن لسواد عينيه، بل لمستواه الراقي وجديته في الميدان، وهو ما أثبته في مبارياته مع الديكة، مما جعله يظفر عام 2000 بصفقة العمر حين أمضى لأعرق الأندية الايطالية ''إنتر ميلانو''، ليجد نفسه مع عمالقة الكرة العالمية وقتها وأشهرهم البرازيلي رونالدو، الإيطالي فييري وبطل العالم آنذاك الفرنسي لوران بلان، وهو لم يتجاوز 18 سنة، فكوّن صداقة متينة مع الهولندي سيدورف ومع أغلب التعداد الذي كان يشرف عليه وقتها المدرب المحنك مارسيللو ليبي، لكن رحيل هذا الأخير وقدم تارديللي الذي همشه فاضطر للعودة إلى فرنسا حيث أمضى لباستيا على شكل إعارة ووصل مع هذا الفريق لنهائي كأس فرنسا وخسره أمام لوريون، ثم تراجعت باستيا لتسقط إلى الدرجة الثانية وهو ما جعله يفكر في تغيير الأجواء، فكانت وجهته نادي نيس عام 2005 حيث أضحى لعب أساسيا وحمل ألوان هذا الفريق لموسم ونصف الموسم، ثم انتقل إلى البوندسليغا وأصبح قائدا لبوخوم، وتألق بشكل لافت، وحاليا يسعى نادي فيورنتينا الإيطالي لضمه في الميركاتو المقبل، حيث وضعه مدرب هذا الفريق، براندلي سيزاري، على رأس الأولويات ليبقى السؤال المطروح: هل سيعود عنتر إلى الكالتشيو؟ رحلته مع الخضر لم يكن عنتر مقتنعا بالألوان الفرنسية ولا والده بوساحة، لتأتي اللحظة الحاسمة عام 2000 حين تلقى دعوة من الجزائر التي جعلته يسارع لبلدية ميلوز للإمضاء على وثيقة التنازل عن اللعب لمنتخب الديكة، وانضم رسميا للخضر لتكون نهائيات آخر كأس إفريقية للأمم شاركنا فيها في تونس 2004 هي محطة انطلاقته الفعلية، ومنها أمضى على شهادة ميلاد اللاعب الدولي عنتر الذي حقق أمنية والديه بعد أن سار من الحسن إلى الأحسن• لا بد من زيارة سدراتة رغم أن لعنتر صولات وجولات في أكبر المدن الأوروبية، إلا أنه مدمن على زيارة مدينة طفولته سدراتة، وهو أمر لا بد منه خلال أي عطلة، وتشكل زيارته طوارئ في المدينة كلها لدرجة أن الأب بوساحة يفتح باب بيته للجميع للجلوس مع عنتر الذي يستلذ كثيرا بتناول الكسكسي بلحم الضأن، كما يستغل أوقات فراغه لممارسة هوايته المفضلة في لعب ''البلاي ستايشن'' ويلقى منافسة كبيرة من محدثنا ابن عمه ناصر الذي دوما يفوز عليه، كما يصر عند قدومه إلى القيام بزيارات مختلفة للأهل في مشتة أو ريف عين سلطان، كما لا تفوته زيارة آثار خميسة والتقاط صور هناك ليأخذها معه إلى أوروبا، للتباهي بجمالها في أوروبا، ومن فرط تواضعه لا يتردد في التدرب واللعب مع أبناء سدراتة والجلوس بمقهى غزة لارتشاف القهوة والتحدث مع الجميع• عنتر في عيون ناس سدراتة طواهرية عبد الرزاق (32 سنة): ''اعتزازنا بعنتر بدأ مع بداية مشواره الدولي عام 2004 واستدعائه وقتها للنخبة الوطنية لم يكن من باب الصدفة لكونه لعب لأكبر الأندية الأوروبية كإنتر ميلانو، باستيا ونيس ونحن نعشق أوان أي ناد يحملها مفخرتنا•••''• زايدي فتحي (21 سنة): ''عنتر أسد سدراتة دون منازع وهو دوما موضوع حديثنا، وقد أعجبني أكثر تعلقه الشديد بسدراتة لدرجة أنه ذات مرة تحدث في مجلة ألمانية وصرح بأن سدراتة أجمل من بوخوم، وهو ما جعله يكبر في أعيننا جميعا دون استثناء ونتمنى أن يدعم مسيرته المثالية بلعب المونديال''• صالح مباركي (31 سنة): ''نفتخر بعنتر وبكل أعضاء المنتخب الحالي، وإن شاء الله سنفرح بهم جميعا يوم 14 نوفمبر، وهناك لن نلعب من أجل التأهل فحسب، بل سنفوز على مصر بقواعدها وبعدها سنجلب الديسك جوكي وتكون الروبلة هنا بسدراتة وفي كل الجزائر''• نور الدين الشوالي (صاحب مقهى غزة 42 سنة): ''هذا هو المقهى المفضل لعنتر الذي يأتيه كل عشية عند حلوله بسدراتة وهنا يلتف حوله معجبيه من الشباب الذين يجلس إليهم بكل تواضع ويمنحهم الأقمصة الرياضية بكل حب ولأجله الكثير أصبح يتابع البوندسليغا، وكما ترون لم يكن بوسعي سوى شراء هذه الشاشة العملاقة حتى تكون متابعة المباريات بصفة جيدة وطبعا أهم مقابلة حاليا سنلعبها بمصر وسيفعلها عنتر هناك لأن مصر لن تخيفه وسنتأهل من القاهرة''• شهاب رضا ( 20 سنة): ''هنا في سدراتة الشباب يتنفس كرة القدم وعنتر يحيى هو قدوتنا، ونحن نتابعه عن كثب ونشجعه أينما لعب لدرجة أن كل سدراتة تتابع البوندسليغا أكثر من أي بطولة أخرى، ونأمل أن يقود عنتر بخبرته المنتخب الوطني إلى جنوب إفريقيا وفي منافسات كبيرة بحجم المونديال يمكن للخضر أن يرسموا أحلى اللوحات''•