أزّمت تصريحات وزير الصحة، السعيد بركات، لدى إعلانه عن عدم شرعية إضراب الأطباء الذي يتواصل منذ أربعة أشهر تقريبا، واتهامهم بالعمل في العيادات الخاصة على حساب القطاع العمومي، الأوضاع أكثر مع النقابات التي تبنت الحركة الاحتجاجية 20 ألف ممارس ممنوعون عن العمل لدى الخواص وحديث عن تصفية حسابات مع رؤساء الأقسام مرابط “الوزير تجاوز كل الحدود وتصريحاته جنونية” حيث اعتبرتها مؤامرة لتحريض المواطنين عليهم ووصفت تصريحاته التي تحمل، حسبها، تناقضات عدة “تجاوزا للحدود وجنونا”. تفاجأت نقابتا الأطباء الممارسين والأخصائيين من خروج وزير الصحة عن صمته بعد قرابة أربعة أشهر من الإضراب المفتوح، وإيلاء حسبها سلسلة من الاتهامات والأكاذيب حول مطالبهم المرفوعة، في الوقت الذي كان فيه ذات المسؤول قد اعتبر هذه المطالب منطقية وشرعية، حيث سارعت النقابتان إلى تنظيم ندوة صحفية مستعجلة ظهيرة أمس الاثنين بالعاصمة للرد عليه. واستغرب رئيس النقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين في الصحة العمومية، يوسفي محمد، التغيير الذي طرأ على الوزير في ظرف يومين، متسائلا عن الأسباب التي جعلته يتحول على مدار 360 درجة، بعد أن كان قد وعدهم بالعمل بكل ما بوسعه لتحقيق لائحة مطالبهم، واستطرد المتحدث يقول “إن تحرك الوزير كان موازاة مع ما صدر عن الوزير الأول أحمد أويحي، الذي فتح النار علينا، ما يؤكد أن هناك تحالفا بين عضوي الحكومة” ضد الأطباء المضربين، مضيفا أن “الأغرب في هذا كله أن ردود السلطات العمومية جاءت بعد وعود رئاسة الجمهورية بحل أزمة قطاع الصحة”. وأوضح المتحدث أن بركات يناقض نفسه، من خلال تأكيداته بأن العدالة فصلت في الإضراب واعتبرته غير شرعي، وقوله في نفس الوقت إن المستشفيات تعمل بصفة عادية وإنه لم يتم تأجيل أية عملية جراحية، والأخطر من هذا، على حد قول المتحدث، اتهامهم بترك المرضى في حالة خطيرة دون علاجهم بسبب الإضراب، ما تركه يصرخ ويقول: “هل يصدر هذا عن شخص عاقل؟”، واصفا تصريحات الوزير ب “الجنون”، باعتبار أن الأطباء وطوال فترة الإضراب قاموا بضمان الحد الأدنى للخدمات الاستعجالية عملا بمصلحة المواطنين قبل كل شيء. وفتح قوسا حول حكم العدالة، وأوضح يقول إن العدالة لا تفصل في شرعية الإضراب من عدمه، بل تفصل في أمر توقيفه فقط، في الوقت الذي أكد فيه أنهم لم يستلموا بعد أي حكم من القضاء. فيما اعتبر رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، مرابط الياس، تصريحات الوزير تجاوزا لكل الحدود وخرقا لقوانين الجمهورية، قائلا “كيف يتم الحديث عن عدم شرعية الإضراب، والقانون قد فصل فيه لدى لجوء الوصاية إلى تنظيم اجتماعات الصلح التي كانت بحضور ممثلين عن الوظيف العمومي ومفتشية العمل”. وفند المتحدثان اتهامات الوزير بخصوص استغلالهم حجة الإضراب للعمل في العيادات الخاصة على حساب القطاع العام، مؤكدين له أن 20 ألف ممارس صحي بين الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان ليس لهم الحق في العمل الإضافي وفق القانون، وأن من بين 8500 ممارس أخصائي هناك فئة ضئيلة جدا لها الحق في ذلك. وقد اعتبروا لجوء الوزير إلى هذه الحجة تهدف إلى تحريض الرأي العام ضد المضربين وإظهارهم كمنحرفين لدى المواطنين، في الوقت الذي يحاول فيه تصفية حساباته مع رؤساء المصالح ومسؤولي المؤسسات الصحية، بعد تأكيد النقابتين وفي أكثر من مرة ضرورة تجميد هذا النوع من النشاطات الذي لجأت إليه الوصاية في وقت سابق لتفادي رفع أجور الأطباء. وتحدت النقابتان الوزير إيجاد أدلة عما يقول، ودعته إلى تطبيق القانون على الذين يتحايلون عن القانون، كما تحدوه بتنظيم طاولة حوار أمام الرأي العام للحديث عن لائحة مطالبهم، ليحكم الجميع على مدى حقيقتها ومشروعيتها وهل هي فعلا تعجيزية، على حد قول بركات، وحديثه عن المساومات أين ادعى الوزير أن النقابتين اشترطت تنفيذ مطلب السكنات الاجتماعية مقابل التوقف عن الإضراب. وأكدت النقابتان أنها مستعدة لمواجهة أي إجراءات ردعية أخرى، بعد أن تيقنوا أن بركات يخطو خطوات وزير التربية الذي هدد بطرد الأساتذة من العمل إذا لم يوقفوا الإضراب.