تواجه تحضيرات القمة العربية الوشيكة في مدينة سرت الليبية تعقيدات فنية ولوجستية وأخرى سياسية غير مسبوقة يتداول بشأنها حاليا وزراء الخارجية العرب ومؤسسة الجامعة العربية على أمل تقليص هذه التعقيدات والتمكن من عقد قمة سرت بدون مفاجآت غير سارة على صعيد اللقاء والتشاور العربي محمود عباس يعتزم حضور القمة مع رفضه ومخاوفه من لقاء خالد مشعل أبلغ الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، مسبقا بعض وزراء الخارجية العرب بأنه يشعر بالقلق، مشيرا إلى أن التحضيرات في المستوى السياسي لا تسير حتى الآن باتجاهات تدفع للتفاؤل، مبديا مخاوفه من غياب نخبة من الزعماء العرب، الأمر الذي سيجهض مسبقا، كما قال عمرو موسى، دراسة المشاريع المطروحة وتقييم المخاطر التي تواجه الأمة العربية. وموسى، حسب مقربين جدا منه ووزراء على اتصال به، يلمح بين الحين والآخر إلى أن الزعماء العرب الذين سيتغيبون عن قمة سرت بدون أسباب وجيهة يدفعون الأمور باتجاهات حرجة، مشيرا إلى أنه غير مطمئن لمستوى الحضور العربي المتوقع ويخشى حصول مفاجآت غير سارة. رغم أن موسى وفي اتصالات التنسيق يشيد بالتجهيزات الليبية وبحماس القيادة الليبية لانعقاد القمة، إلا أنه يميل الى تحميل الدول العربية التي ستتغيب أو تشارك بمستويات تمثيل ضعيفة مسبقا مسؤولية ما يصفها بانحرافات يمكن أن تحصل في المسار المرسوم حتى يوم انعقاد القمة السبت المقبل. ولا تعبر هذه الاتصالات عن مخاوف من إلغاء انعقاد القمة بشكل مباشر بقدر ما تعبر عن مخاوف من ردود أفعال سببها إصرار بعض الزعماء العرب على التغيب بدون سبب مقنع، الامر الذي سيؤدي إلى إحراج القيادة الليبية المستضيفة للجميع. وعلى الصعيد اللوجستي، تواجه فرق الجامعة العربية صعوبات بالغة في الاطمئنان إلى أن مستويات التنظيم سترقى إلى المعيار المعتاد، حيث تشعر اطقم الجامعة العربية بأن عقد القمة العربية في مدينة سرت الساحلية قد يتسبب في مشكلات محددة ومربكة في المسائل المتعلقة بالدعم اللوجستي والتغطية الإعلامية وترتيبات استضافة الوفود ومقدمة حراس الزعماء وآليات النقل والحركة. ووضعت الحكومة الليبية بالتوافق مع خبراء الجامعة العربية منذ ثلاثة أسابيع معايير خاصة لمستوى وحجم المشاركة والضيافة. وكان كبار موظفي الامانة العامة للجامعة قد عبروا الأسبوع الماضي عن خشيتهم من التعقيدات الفنية واللوجستية إثر عقد القمة في سرت وليس في طرابلس العاصمة، حيث لا يوجد في المدينة منشآت مؤهلة لاستضافة الوفود المساندة للزعماء وحيث ستزداد كلفة النقل والحركة وتتجاوز الحد المرسوم من قبل الادارة المالية للجامعة رغم أن طرابلس مستعدة للانفاق وبسخاء وحيث ستنشأ مشكلات لها علاقة بالتغطية الاعلامية. وتقول مصادر دبلوماسية عربية إن إعلان الزعيم الليبي المسبق بأنه لن يستقبل أيا من الزعماء العرب الضيوف في المطار مباشرة قد يساهم في توفير حجة الغياب لبعض القادة العرب، مع أن الزعيم الليبي بالعادة لا يستقبل ضيوفه في المطارات. وكانت السلطات الليبية قد خصصت ثلاثة مطارات لاستقبال الزعماء والضيوف وطلبت قوائم مسبقة بأسماء المرافقين الامنيين والعسكريين وانواع اسلحتهم، فيما يعبر خبراء الجامعة يوميا عن خشيتهم من مساهمة التعقيدات اللوجستية في زيادة رقعة التعقيدات السياسية المطروحة أصلا، الأمر الذي قد يتجه بقمة سرت نحو تفعيل الخلافات حتى في حالة انعقادها. وحتى الآن تشير بوصلة تحضيرات القمة الى غياب قسري للرئيس المصري حسني مبارك عوض عنه الرجل بالاعلان مبكرا عن مشاركة رفيعة المستوى بوفد يترأسه رئيس الوزراء أحمد نظيف، كما تشير الى غياب متوقع للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي شهدت القمم السابقة حوارات شخصية عنيفة بينه وبين الزعيم الليبي. ويتوقع خبراء الجامعة العربية، حسب مصادر إعلامية، أن يتغيب عن القمة العاهل المغربي الملك محمد السادس. ومن الواضح أن الرئيس اللبناني ميشال سليمان لن يتمكن من الحضور، فيما يحاول عمرو موسى الضغط على بيروت لضمان مشاركتها ولو رمزيا في اجتماعات التحضير. وحسب مصادر إعلامية نقلا عن مصادر من الجامعة العربية، فإن مشاركة أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد شخصيا بالقمة قد لا تكون مضمونة بصفة نهائية ولأسباب غير مفهومة حتى الآن، ولكن لها صلة بالحسابات السعودية على الأرجح. وفي السياق نفسه، يعتزم الرئيس الفلسطيني الذي اعتكف في عمان لأسباب صحية الحضور شخصيا للقمة رغم خشيته من "أوضاع مفاجئة" يمكن أن يتعرض لها من طراز رؤية خالد مشعل، الزعيم السياسي لحركة حماس على منابر القمة أو في أروقتها.