اعترف وزير العدل حافظ الأختام، الطيب بلعيز، أمس، بأن الكثير من القضاة يخطئون في تحديد الخطإ الطبي على مستوى المجالس القضائية، خاصة ما تعلق بالعلاقة السببية بين الخطإ الطبي والضرر الناجم عنه بركاني يؤكد غلق عيادتين خاصتين بالعاصمة ومعاقبة 10 أطباء عموميين خلال عامين مجالس التأديب أحصت 500 خطإ طبي في 6 سنوات ودعت إلى إلغاء عقوبة الخطإ الطبي اعترف وزير العدل، لدى افتتاحه لأشغال اليوم الدراسي الأول من نوعه حول المسؤولية الجزائية الطبية على ضوء القانون والاجتهاد القضائي، المنعقد بالمحكمة العليا أمس، بأن قانون العقوبات الجزائري لم يقدم تعريفا للخطإ الطبي ولا لأنواعه، في إشارة واضحة إلى فراغ قانوني فيما يخص الأخطاء الطبية والمسؤولية الجزائية، موضحا أن تحديده لا يرتبط فقط بصحة وسلامة الأشخاص وإنما يرتبط ”ارتباطا وثيقا” أيضا بالتطور العلمي في الطب والتكنولوجيا. وأشار وزير العدل إلى أن قانون العقوبات الجزائري، في المادتين 288 و289، يمنح للقاضي السلطة التقديرية فقط في تحديد الخطإ بناء على تقرير الخبير الذي يقدم له، وما على القاضي إلا المصادقة على تقرير الخبير الذي قدم له. وأقر الطيب بلعيز النقص الذي تعرفه الجزائر فيما يخص تحديد المسؤولية الجزائية الطبية، مقارنة بدول عربية وأوربية، معتبرا أن المزيد من العمل ما زال ينتظر الجزائر في هذا المجال، خاصة وأن اليوم الدراسي عرف مشاركة عربية من السودان والمغرب وموريتانيا وتونس، إلى جانب مشاركة أوروبية، من فرنسا وبلجيكا، وهو ما سيسمح بالاطلاع على تجارب هذه الدول. من جانبه، كشف رئيس المجلس الوطني لأخلاقيات مهنة الطب، الدكتور محمد بقاط بركاني، أن الأخطاء الطبية الجسيمة تسببت خلال 2009 و2010 في غلق ثلاث مصحات تابعة للقطاع الخاص على مستوى العاصمة وحدها، إضافة إلى توقيف 10 أطباء من القطاع العام، إلى جانب عشرات الإنذارات والتوبيخات. وأشار بركاني، في حديث مع الصحافة، على هامش اليوم الدراسي، أن المجلس الوطني لأخلاقيات مهنة أحصى أكثر من 500 خطإ طبي على اختلاف أنواعه ودرجاته، وذلك منذ العام 2004، والتي سجلتها مجالس التأديب الجهوية التابعة للمجلس، والبالغ عددها 12 على المستوى الوطني. وأعاب بركاني على السلطات العمومية استمرارها في العمل بقانون الصحة الذي يعود إلى عام 1985، في حين أن أغلب الدول تقوم بمراجعة قوانينها وتحديثها مرة كل عامين على الأقل، مشيرا إلى ضرورة تكييف الخطأ الطبي والمسؤولية الجزائية الطبية وفق الإمكانيات المتاحة، حيث اعتبر أنه من غير الممكن معاملة ومعاقبة الطبيب الجزائري الذي يرتكب خطأ طبيا بنفس ما يعامل به الطبيب في فرنسا أو الولاياتالمتحدة، وهذا نظرا للإمكانيات والتكنولوجيا المتواضعة التي تتوفر للطبيب الجزائري، وقال ”إذا كان القاضي يحكم بناء على قناعاته الخاصة، فبالمقابل يجب أن يكون الطبيب محميا من جميع البالغات”. وقال بركاني إن المجلس دعا فعلا إلى إلغاء عقوبة الخطأ الطبي في حق الأطباء، على اعتبار أن الخطأ الطبي أمر ممكن حدوثه من طرف أي طبيب، وفي أي مكان من العالم، بغض النظر عن طبيعة الخطإ، مقصودا كان أم غير مقصود، حيث ذكر في هذا السياق أن عديد الأطباء يقبعون الآن في السجن جراء أخطاء طبية خفيفة وليست جسيمة، وهو ما قضى على مسارهم المهني، حتى ولو برأتهم العدالة فيما بعد.