تشهد العديد من مناطق ولاية الأغواط، مع دخول فصل الربيع، حركة غير عادية يصنعها هواة جمع ثمرة “الترفاس” أو “ الكمأة”.. لما يحمله هذا النوع من النشاط السنوي من متعة، ولما تحمله هذه الثمرة الصحراوية اللذيذة من سحر خاص، وتميزها بين الأطباق الشعبية بالجهة ونظرا لندرة ثمرة “الترفاس” هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة، وجمعها في وقت متأخر نوعا ما لارتباطها بتساقط الأمطار التي تهاطلت بنسبة أقل، فقد حمل الإقبال على جمعها حماسا مضاعفا لدى الشغوفين بها وألهب أسعار تداولها في الأسواق المحلية. ففي السوق الشعبية بمدينة آفلو، على سبيل المثال، تعرض الكميات بأسعار “خيالية” تتجاوز في كثير من الحالات سقف 800 دج بالنسبة للنوع الأحمر ذي المذاق الرفيع، فيما يصل سعر النوع الأبيض إلى 300 دج لضعف الطلب عليه. ورغم أن المادة تعد نظريا في متناول الجميع، إلا أنها هي الأخرى أصبحت محل إقبال للبعض دون البعض الآخر، وهو ما يبرزه بومدين ناصر 28 سنة الذي يرى أنه غير قادر على اقتناء الترفاس بحكم السعر المبالغ فيه، ولندرته نتيجة تعرضه لحسابات تجارية محضة. وفي مشهد مواز وبعيدا عن ضوضاء السوق، ينتشر الكثير من الأشخاص ومن مختلف الأعمار عبر البراري والضايات بمناطق بريدة والحاج المشري والبيضاء وغيرها، لجمع هذه المادة “المحبذة”، والتي كثيرا ما يأخذ جمعها طابع التسلية والترفيه والاستمتاع بالأجواء الربيعية الرائعة المميزة للبادية والمناطق الريفية. كما يصادفك من هو في عمل تجاري محض بغرض جمع أكبر كمية ممكنة والتوجه بها إلى أسواق التجمعات السكنية الكبرى، خصوصا عاصمة الولاية، حيث يكثر الطلب، وبالتالي تحقيق أرباح ربما تكون “خيالية” حسب أحد العارفين بأسرار هذه التجارة الفصلية. وعلى النقيض من ذلك، فضل الكثير ممارسة هذه الهواية مع أفراد العائلة وقضاء أحلى الأوقات في هذا الجو الربيعي، حتى أن بعض المارة تجذبهم عملية جمع الترفاس فيعمدون إلى ركن مركباتهم على حافة الطريق لينضموا إلى المجموعات المتناثرة هنا وهناك في رحلة البحث عن هذه المادة الغذائية الشهية. وبالنسبة لهذه الفئة فإن جمع “الترفاس” لا يخلو من النزهة والمواقف الطريفة والمشاحنات في كثير من الأحيان حول من يستطيع جمع أكبر كمية منها.. على أن يقوموا في نهاية رحلة البحث بتقاسم ما جمعوه بالتساوي. في حين اهتدى آخرون من عشاق “الترفاس” إلى شوائه على طريقة الطبق المحبذ شعبيا والمعروف ب “الملفوف”، حيث تلف الثمرة داخل قطعة من الشحم، وهي الطريقة المبتكرة التي نالت رواجا كبيرا في أوساط مستهلكي الترفاس للنكهة المميزة لهذا الطبق.