انخفضت هذه الأيام بولاية غرداية بورصة فطر الكمأة المعروف ب"الترفاس" إلى مستوى سعر البطاطا في مختلف أسواق ولايات الوطن، حيث صار يتراوح بين 80 إلى 100 دج للكيلوغرام الواحد، بينما كان في الأسابيع الماضية يتراوح بين 400 و500 دج، بل وصل سعره حدود 1000 دج عندما كان الإنتاج غير وفير. ويعود السقوط الحر لسعر الترفاس إلى وفرته وكثرة "صياديه"، حيث تحولت رحلات البحث خلال الأيام الاخيرة إلى نشاط مزدهر بغرداية، هذا النوع من النشاط الموسمي يثير شهية مجموعات من الشباب الغرداويين الذين يتحمسون وبشيء من الرغبة "الجامحة" لممارسة نشاط جمع "الكمأة" بغية الاسترزاق، ومن بين العوامل التي ساهمت في ازدهار هذا النشاط الموسمي موجة الامطار غير المسبوقة التي تهاطلت على المنطقة خلال الأشهر الأخيرة، ولعل من أبرز مخلفاتها، الفيضانات الجارفة التي اجتاحت منطقة غرداية قبل خمسة أشهر، حيث كانت هذه التقلبات المناخية كافية لتحويل المناطق الصحراوية إلى براري يكسوها رداء أخضر من النباتات البرية التي تكون بعض أصنافها قد اندثر بفعل الجفاف الذي طال أمده. وعادة ما يتنقل "صيادو الكمأة" إلى مناطق معينة يفترض أن تكون مواطن خصبة لانتشار ثمرة الترفاس، حيث تجدهم يتجهون خاصة صوب الحمادة بالمناطق المتاخمة للطريق الوطني رقم 49 الرابط بين مدينة غرداية وورقلة، خاصة بمنطقة زلفانة المشهورة بحماماتها المعدنية، أي بالناحية الشرقية للولاية، كما يجري تنظيم رحلات البحث عن "الكمأة" وفق خطط معدة سلفا بين الأشخاص، فمنهم من يفضل التنقل لوحده بإمكانياته الخاصة، وفئة أخرى تفضل الرحلة ضمن مجموعة من الأفراد محددة الأعداد قد يتناوبون في مهمة الجني. ولا يتم جني أو استخراج "الكمأة" من تحت سطح الأرض إلا إذا توفرت أدوات حفر بسيطة، والتي عادة ما يستخدمها المزارعون كالفأس أو أية آلة معدنية أخرى حادة، علما أن هذه العملية تتطلب إلى حد ما قليلا من الخبرة، والتي يعتمد عليها في مهمة الاستكشافات الأولية للمواقع التي قد تحتوي على أكبر كمية من هذه الثمرة المعروف عنها أنها تنبت في شكل مجموعات يتراوح عددها في كل مجموعة ما بين 10 إلى 20 حبة في الموقع الواحد، كما يفسر أحد المختصين في هذا النشاط. وعادة يتم نقل الكميات التي تجمع من هذه البضاعة على متن شاحنات تشاهد وهي تجوب مناطق الحمادة بولاية غرداية، حيث يجري التجار مع "صيادي الترفاس" مفاوضات على الأسعار قبل إبرام الصفقة التجارية بين الطرفين، ويتم بموجبها تحويل المحاصيل إلى أسواق مدينة غرداية.