أنهت الولاياتالمتحدةوروسيا في مطار فيينا، مساء أول أمس، أكبر عملية تبادل للجواسيس منذ الحرب الباردة. وقد وصل إلى موسكو عشرة عملاء سلمتهم السلطات الأمريكية، في حين حطت في واشنطن طائرة تقل أربعة روس متهمين بالتجسس لصالح الولاياتالمتحدة والغرب سبق وصول الطائرة الأمريكية التابعة لخطوط (فيجن) هبوطها لفترة وجيزة في قاعدة برايز نورتون العسكرية الجوية البريطانية وسط إنجلترا، قبل مواصلتها الطيران لتحط في مطار دولز قرب واشنطن. ولا يعرف كم بقي من الجواسيس الأربعة الذين كانت تقلهم الطائرة لدى وصولها واشنطن، كما لا يعرف ما إذا تم إنزال واحد منهم أو أكثر في القاعدة البريطانية، حيث رفضت وزارتا الدفاع والخارجية البريطانيتان التعليق. وقبل ذلك وصل الجواسيس الروس العشرة الذين اعتقلتهم واشنطن إلى مطار دوموديدوفو الدولي في موسكو. وكانت وزارة الخارجية الروسية أكدت، الجمعة، أنه سيتم ترحيل الجواسيس العشرة مقابل إطلاق أربعة جواسيس وقع الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، على أمر بالعفو عنهم. وفي السياق ذاته، وقع ميدفيديف على مرسوم إعفاء 16 شخصاً إضافياً موقوفين بتهمة العمل لصالح وكالات استخبارية غربية، إلى جانب الأربعة الذين أعفي عنهم، ليصل عدد المفرج عنهم إلى 20 شخصاً، وفق ما وذكرته وكالة الأنباء الروسية ”نوفوستي”، لكن لا يعرف ما إذا كانت لهذا العفو علاقة بصفقة التبادل. وقال النائب في مجلس الدوما الروسي والمدير السابق لهيئة الأمن الفيدرالية، نيكولاي كوفاليوف، إن إيغور سوتياغين، المحكوم عليه في روسيا بتهمة التجسس لصالح الولاياتالمتحدة، بالإضافة للمتهمين الثلاثة الآخرين في قضية التجسس، يمكنهم العودة إلى روسيا في المستقبل لكونهم لم يتم حظر دخولهم رسميا. وذكرت وزارة الخارجية الروسية بعد إقلاع الطائرتين من فيينا أن جهاز المخابرات الأجنبية الروسي ووكالة المخابرات المركزية الأميركية نفذا صفقة تبادل. وأشارت إلى أن هذه العملية تمت ”في إطار السياق العام لتحسين العلاقات الروسية الأمريكية ومنحها فاعلية جديدة، تماشيا مع روح الاتفاقات من حيث المبدأ على أعلى مستوى بين موسكووواشنطن حول الطبيعة الإستراتيجية للشراكة الروسية الأمريكية”. من جانبه أكد متحدث باسم وزارة العدل الأمريكية أن عملية التبادل تمت بنجاح. وفي تعليقها على عملية التبادل، قالت الولاياتالمتحدة إن الموافقة على الصفقة تأتي لأسباب تتعلق بالأمن القومي للولايات المتحدة ولأسباب إنسانية. واعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مارك تونر، أن سجن العملاء العشرة لفترات طويلة في الولاياتالمتحدة لن يفيد الأمن القومي للبلاد. وكانت الولاياتالمتحدة قد اعتقلت المتهمين العشرة في 27 جوان الماضي، وأقروا في وقت سابق الخميس أمام محكمة اتحادية بنيويورك بأنهم يعملون لحساب روسيا، ووافقوا على ترحيلهم إليها في إطار عملية التبادل.وفي تطور متصل، تسعى روسيا لإعادة أطفال مواطنيها المدانين في الولاياتالمتحدة، حيث ذكر مصدر في وزارة الخارجية الروسية الجمعة أن البعثات الدبلوماسية الروسية في الخارج ستساعدهم للعودة إلى أهاليهم، بينما قال الجانب الأمريكي إنه لن يعرقل عودتهم. ومن بين المعتقلين أربعة أزواج لديهم سبعة أطفال، واحد منهم سيبقى في الولاياتالمتحدة واثنان بدأ أهلهما، بعد اعتقالهما، في ترتيبات إعادتهما إلى روسيا، في حين لم يتضح مصير الأطفال الأربعة الباقين. الإستخبارات الأمريكية ستتولى أمر الروس الذين أفرجت عنهم موسكو قالت مسؤولة أمريكية أمنية سابقة إن السجناء الروس الذين وصلوا أمس إلى واشنطن، فى إطار عملية تبادل الجواسيس غير المسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة، سينقلون إلى مكان آمن للخضوع لاستجواب طويل. وقالت فرانسيس تاونسند، التى كانت مستشارة للرئيس السابق، جورج بوش، للأمن الداخلى ومكافحة الإرهاب، ”سيتم نقلهم الى مكان آمن (...) من جانب عناصر استخباراتية سيتولون استجوابهم وتحضيرهم لحياتهم الجديدة وسيزودونهم هوية جديدة” . وكانت تاونسند تتحدث الى شبكة ”سي أن أن” بعدما أكد البيت الأبيض أن تبادل الجواسيس بين الولاياتالمتحدةوروسيا، الذى تم أول أمس فى فيينا، تم التفاوض فى شأنه على أعلى مستوى بين مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية (سى اىايه) ليون بانيتا، ومسؤول فى جهاز الإستخبارات الخارجية الروسية. وسلمت الولاياتالمتحدة الجواسيس الروس العشرة الذين اعتقلتهم فى نهاية جوان على أراضيها مقابل ثلاثة أشخاص مدانين بالتجسس لحساب الغرب.