هي “الحاجة رحمة” عجوز تعيش بين أربعة جدران دون سقف، بيت أقل ما يمكن القول عنه إنه بدائيّ بعاصمة الأغواط التي لا تبعد عن عاصمة الغاز “حاسي الرمل” بحوالي عشرة كيلومترات وتحديدا بالمنطقة الصناعية “طريق الخنق”، تعيش رفقة ابنها نور الدين -51 سنة – الذي يأبى أن يتخلى عن والدته المعاقة بل ويأبى الزواج خشية أن تظلم والدته والي الأغواط يستقبل ابن الحاجة ويعده بالتكفل بالأسرة في أقرب وقت زارت “الفجر” الحاجة رحمة، التي تعيش خارج مجال تغطية المسؤولين، في حياة بدائية تفتقر لأدنى مقومات الحياة، هنالك التقينا ابنها نور الدين، الذي روى لنا ظروف الحياة الصعبة وضيقها ومعاناتها مع الإعاقة، لننقل كيف استطاعا بعون الله التغلب على ذلك وتكيفا قهراً مع تلك الظروف الصعبة، وهما يعيشان بين جدران تشبه سقفا من البلاستيك الممزّق وبعض من الخشب في جميع الأجواء الحارة والباردة. العجوز رحمة محرومة من أدنى ظروف الحياة التي تتناسب وإعاقتها الحركية مع فقدان البصر، فقد استطاعت أن تحرك مشاعر الجالية الجزائرية المقيمة بالدول الأوروبية والتي تفاعلت معها بعد أن شاهدت حالتها عن طريق “اليوتوب” بالأنترنت. الأرض فراشها والسماء غطاؤها الحاجة رحمة التي تفترش الأرض وتلتحف السماء تعيش داخل قطعة أرض مستعارة، جدرانها غير مكتملة، وهي ملك لأحد المحسنين، وسط حياة بدائية تعتمد في غذائها على لقيمات باردة خفيفة وليس لديها من يطهو لها أو يحضّر لها طعاما ساخنا. أما ابنها، الذي يشتغل حارسا ليليا، فلا تكاد تنقضي ساعات الليل الطوال عليه إلا انفطر قلبه خوفا مما قد يصيب والدته بعد أن عاف الدنيا والزواج لأجل خدمتها. يحدثنا الابن نور الدين عن الأقدار التي أجبرته على هذا الحال منذ أواخر سنة 2004، بعد أن هاجر إخوته وخلّفوا وراءهم والدتهم، التي شلّت كل أطرافها، وأصبحت لا تقدر على الحركة، تمنت منهم زيارة واحدة فقط في شهر الرحمة والغفران ليس لحاجة لها أو سدّ رمقها بل لحرقة فؤاد الأم الرؤوم على أبنائها، إلى أن سخّر لها أبناء حيّها القديم - يضيف نور الدين -وعلى رأسهم أعضاء جمعية الحي التي يرأسها “عباس بنيش” الذين دأبوا على زيارتها مؤخرا، على غرار متابعة أحوال الفقراء والمحتاجين، بعد أن التقوها بالمنطقة الصناعية. ويضيف محدثنا أن الفضل يعود بعد الله إليهم، وإلى ياسين زايد، عضو المجلس الوطني للرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذي قام بنشر حالتها تلك عبر شبكة الأنترنت ب”اليوتوب”، والتي وجد صداها لدى الكثير من الخيّرين من أبناء الوطن وخصوصا من أبناء الجالية الجزائرية المقيمين بالدول الأوروبية سواء من فرنسا، كندا، أمريكا وسويسرا ... الذين تأثروا بمجرد مشاهدتهم “الفيديو المصور” الذي عكس الصورة الحقيقية التي تعيشها الحاجة “رحمة” في شهر الرحمة رمضان. كما أكد لنا ياسين زايد أن العديد من الاتصالات تلقاها من داخل وخارج الوطن يسألون عن طرق تقديم المساعدة والذي حولهم بدوره إلى نور الدين برباق، ابن الحاجة رحمة مباشرة، والذي قال إنه تلقى بعض المساعدات من بعض الجزائريين المغتربين مبديا عميق تأثره الشديد لوقوفهم إلى جنب والدته التي لا تملك لهم إلا الدعاء، ولم يخف عنا أي سر في هذا الشأن، وقدم لنا كل وصل استلمه عن طريق بريد الجزائر “الوسترن يونيو” أو عن طريق حسابه البريدي. وأشار نور الدين إلى أنه تلقّى مكالمة من طرف والي ولاية الأغواط دعاه فيها إلى مكتبه ووعده بأنه سوف يقف إلى جنبه ولن يتخلى عنه، قدم له من خلالها قفة رمضان كعربون مساعدة، حسب رأي محدثنا، في “انتظار ما هو آت”، حسب ما أكده السيد أحمد عدلي، والي الولاية، في حين أبدى ابن الحاجة “رحمة” شديد تأثره بالترحاب والتواضع الذي لقيهما من طرفه، حيث كلف لجنة أحصت كل معاناته التي تنحصر جلها حول تقديم العون الصحي وإفادتهما بمسكن اجتماعي. فيما دعت الجمعيات المتابعة لقضية “الحاجة رحمة” السلطات المحلية وعلى رأسها الوالي بضرورة الإسراع بنقل الحاجة رحمة إلى بيت لائق.