"عجوز دون مؤوى بالأغواط تحاصرها الإعاقة والفاقة من مكان.." "الحاجة رحمة" عجوز تعيش ببيت أقل ما يمكن القول عنه أنه بدائيّ بعاصمة الأغواط التي تبعد عن عاصمة الغاز "حاسي الرمل " بحوالي 120 كلم وبالتحديد بالمنطقة الصناعية "طريق الخنق" , فراشها الأرض ولباسها السماء وبين الإعاقة والفاقة .. تعيش رفقة ابنها نورالدين -51 سنة – الذي يأبى أن يتخلى عن والدته فيما تخلى عنها أبنائها الباقون بل ويأبى الزواج خشية ممن قد تظلم له والدته وهي في هذا الحال. «الجلفة أنفو» التي زارت "الحاجة رحمة " شاهدت الحياة البدائية التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة .. وهنالك التقينا بابنها نورالدين لنقل ظروف الحياة الصعبة وضيق اليد ومعاناتها مع الإعاقة وكيف استطاعا بعون الله التغلب على ذلك كله وتكيفوا قهراً مع تلك الظروف الصعبة فهم يعيشان بين جدران دون سقف بل شبه سقف من البلاستيك الممزق وبعض من الخشب في جميع الأجواء الحارة والباردة الممطرة والساخنة . العجوز رحمة محرومة من أدنى ظروف الحياة التي تتناسب مع إعاقتها الحركية وفقدان البصر بإحدى عينيها . الأرض فراشها والسماء غطاؤها الحاجة رحمة التي تفترش الأرض وتلتحف السماء تعيش داخل قطعة أرض مستعارة , جدرانها غير مكتملة وهي تابعة لأحد المحسنين وسط حياة بدائية تعتمد في غذائها على لقيمات باردة خفيفة و ليس لديها من يطهي لها أو يحضّر لها طعاما ساخنا أما إبنها الذي يشتغل حارسا ليليا لا يكاد تنقضي عليه ساعات الليل الطوال إلا وقد انفطر قلبه خوفا مما قد يصيب والدته الذي عاف الدنيا والزواج لأجل خدمتها . يحدثنا نورالدين " أن الأقدار أجبرته على هذا الحال منذ أواخر سنة 2004 بعد أن عاف اخوته الآخرون والدتهم التي تعوقت كل أطرافها وأصبحت لا تقدر على الحركة , تمنت منهم فقط ولو زيارة واحدة في شهر الرحمة والغفران ليس لحاجة لها أو سد رمقها بل حرقة الأم لأبنائها ... إلى أن سخر لها أبناء حيّها القديم يضيف نورالدين و على رئسهم أعضاء جمعية الحي التي يرأسها "عباس بنيش" الذين دأبوا على زيارتها و متابعة الفقراء والمحتاجين بعد ان تقفوا آثارها والتي هجرت الحي القديم بالصادقية منذ سنين عدّة إلى أن عثروا عليها بالمنطقة الصناعية خارج مجال تغطية المسؤولين و يضيف محدثنا أن الفضل يعود إليهم وإلى "ياسين زايد" عضو المجلس الوطني للرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي قام بنشر حالتهم تلك عبر شبكة الانترنيت ب"اليوتوب" والتي وجد صداها لدى الكثير من الخيّرين من أبناء الوطن وخصوصا من أبناء الجالية الجزائرية المقيمين بالدول الأوروبية الذين تأثروا بمجرد مشاهدتهم "الفيلم السمعي – البصري" الذي عكس الصورة الحقيقية التي تعيشها الحاجة " رحمة " في شهر الرحمة رمضان. أكد لنا "ياسين زايد" أن العديد من الاتصالات تلاقاها من داخل و خارج الوطن لمعرفة طرق تقديم المساعدة والذي حولهم بدوره إلى "نورالدين برباق" ابن الحاجة رحمة مباشرة والذي أكد لنا أيضا بدوره أنه تلقى بعض المساعدات من بعض الاخوة المغتربين بالغرب شاكرا إياهم مبديا عميق تأثره الشديد بوقوفهم إلى جنب والدته التي دعت لهم الله بالخير كل واحد باسمه بل ولم يخفنا سرا و قدم لنا كل وصل استلمه عن طريق بريد الجزائر "الوسترن يونيو" أدركنا من خلاله مدى تعلق وغيرة الجزائريين على بعضهم البعض وخاصة منهم المغتربين , وإن كانت رمزية تجاه الوضعية التي وقفنا عليها حسبما أطلعنا عليه فضولنا للمبالغ المقدمة و المرسلة تبقى في حاجة لتكاتف أكثر إلا ان هذا الصنيع أدخل السرور والفرحة على قلب الحاجة رحمة وابنها نورالدين كثيرا حد البكاء كما أشار نورالدين أنه تلقى مكالمة من طرف والي ولاية الأغواط دعاه فيها إلى مكتبه ووعده بأنه سوف يقف إلى جنبه ولن يتخلى عنه وقدم له قفة رمضان كعربون مساعدة , وأبدى ابن الحاجة "رحمة" شديد إعجابه و تأثره بالترحاب والتواضع الذي لقيهما من طرف الوالي أحمد عدلي الذي بعث إليه أيضا يومها وجبة إفطار خاصة من منزله ويقول السيد نورالدين أن الأمر لم يقتصر على ذلك بل و كلف لجنة تحصي كل نقائصه و في انتظار ذلك أبدت الجمعيات التي تتابع قضية "الحاجة رحمة " رأيها بأن يفي الوالي بوعوده قبل شهر رمضان ولتكتمل الفرحة و أن لا يدخل العيد إلا و هما ببيت جديد وما ذلك الأمر على والي الولاية بالمر العصيب .