تعرف السوق منذ نحو شهرين ندرة حادة في السيولة المالية عبر مكاتب البريد وشبابيك البنوك عبر مختلف ولايات الوطن، ومن المنتظر أن تتفاقم هذه المشكلة أكثر مع اقتراب عيد الأضحى، بسبب سعي المواطنين لسحب مبالغ مالية متفاوتة لشراء الأضاحي. تشهد مكاتب البريد والبنوك طوابير لا متناهية عبر مختلف الولايات من الشمال إلى الجنوب، بسبب نقص السيولة المالية، وهو ما أدى إلى نشوب شجارات عنيفة بين الزبائن وموظفي الشبابيك استدعت في بعض الأحيان تدخل مصالح الأمن للتحكم في الوضع الذي تشهده الشبابيك منذ قرابة الشهرين، خاصة في عطل نهاية الأسبوع أو فترة صرف معاشات المتقاعدين. وأعرب العديد من المواطنين الذين صادفتهم “الفجر” عبر بعض مكاتب بريد العاصمة عن استيائهم من تواصل هذه المشكلة في ظل تعنت الوصاية، وطالبوا بتفسيرات مقنعة للوضع الذي بات يستدعي التفاتة جادة ودراسة مفصلة، بداية بمعرفة حاجيات المكاتب اليومية من السيولة والعمل على توفيرها، خاصة قبل اقتراب عيد الأضحى المنتظر بعد أقل من أسبوعين، لوضع السيولة اللازمة تحت تصرف المواطنين المقبلين على اقتناء أضحية العيد. وكان وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، موسى بن حمادي، قد ربط مؤخرا هذه المشكلة بسحب الموظفين رواتبهم في وقت واحد، ما يؤدي إلى خلق ندرة إلى جانب رفع قيمة الرواتب ومعاشات المتقاعدين، الأمر الذي أدى إلى زيادة الأموال المسحوبة دون أن تقابله إضافة في السيولة النقدية الموزعة على مراكز البريد خاصة. وفي المقابل صرح محافظ البنك المركزي، محمد لكصاسي، أول أمس، بأن تنظيما جديدا حول أخطار السيولة البنكية يوجد قيد التحضير وسيتم رفعه إلى مجلس النقد والقرض قبل نهاية السنة، موضحا خلال جلسة الافتتاح لاجتماع مغلق مع الرؤساء المديرين العامين للبنوك أن هذا التنظيم سيكون منسجما مع المعايير الجديدة التي حددتها لجنة بال فيما يخص قوانين الإشراف. وأكد لكصاسي أن قيمة السيولة البنكية في الجزائر بلغت 1100 مليار دينار في نهاية جوان 2010 أي نفس المستوى المسجل في نهاية 2009، ويعكس هذا المستوى منظومة مصرفية فيها فائض من السيولة البنكية، مشيرا إلى أن الفائض في السيولة لم يأت كظاهرة منعزلة بل يمثل إفراطا في الاحتياط مقارنة بالاستثمار، كما أشار إلى أن قيمة هذه الإيداعات بلغت 829 مليار دينار نهاية شهر جوان. وأضاف لكصاسي أنه سيتم من جهة أخرى توسيع صلاحيات مجلس النقد والقرض لصيغ ادخار وقرض جديدة، مشيرا إلى أن هذا المجلس سيكون مسؤولا عن احترام قواعد حسن تسيير القطاع التي كانت موكلة سابقا لجمعية البنوك والمؤسسات المالية.