عرفت ولاية البليدة خلال السنوات القليلة الماضية استفحال ظاهرة جماعات الأشرار التي فرضت منطقها في شوارع المدن الكبرى، وحتى بالمناطق النائية منها، ولولا تحكم مصالح الأمن بمختلف أسلاكها في الوضع لساد منطق الغاب، ومبدأ القوي يأكل الضعيف. وهو ما نلمسه في مختلف أروقة المحاكم التي لا تكاد تخلو يوميا من محاكمات مثيرة لأشخاص اعتمدوا منطق القوة دليلهم في الحياة قبل أن يجدوا أنفسهم وراء القضبان. وهو ما عادت إليه محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة التي فتحت ملف قضية من هذا النوع تورط فيها 07 أشخاص من بينهم المتهم (ب.معمر) 29 سنة والمعروف لدى سكان مدينة أولاد اعيش باسم “نحلة”، والذي سبق وأن صدر بحقه 17 حكما قضائيا لتورطه في عدة قضايا مشابهة وأخرى مختلفة، بينما واجه في هذه القضية رفقة باقي عناصر مجموعته تهمة تكوين جماعة أشرار والسرقة بظرف التعدد واستعمال أسلحة ظاهرة، الحريق العمدي للمركبة وحجز أشخاص بدون أمر من السلطات المختصة والتهديد بالقتل وإهانة أعوان القوة العمومية بالعنف أثناء تأدية مهامهم والتحطيم العمدي لملك الغير. تعود تفاصيل هذه القضية إلى شهر جويلية من صائفة العام الماضي حين عاش سكان مدينة أولاد اعيش بالبليدة على وقع ما يشبه سيناريو فيلم أمريكي إثر قيام أربعة من المتهمين بمداهمة شخص عند مخرج مدينة العفرون بالطريق البلدي 07 الرابط بين العفرون ومدينة حمر العين بتيبازة، واستولوا على سيارته التي حولوها إلى حي 120 مسكن بأولاد اعيش قبل أن يحرقوها باستعمال البنزين. ولم يكتفوا بذلك، بل أقدموا على رشق وتحطيم سيارة الإسعاف الخاصة بأعوان الحماية المدينة الذين تنقلوا لعين المكان لإخماد الحريق، كما لقيت سيارة مدرعة للأمن الوطني نفس المصير ما استدعى إقامة طوق أمني من مختلف مصالح أمن الولاية حول الحي المذكور قرابة 24 ساعة لإلقاء القبض على المتهمين الذين واجهوا قوات الأمن باستعمال مختلف أنواع الأسلحة البيضاء من سيوف وخناجر وبندقية صيد، مهددين كل من يقترب منهم باستعمالها قبل أن يقوموا باقتحام شقق الجيران عن طريق التسلق والعنف بغية الهرب. كما هدّدوا بقتل كل من يعترض طريقهم وباحتجاز عدد من السكان إلى غاية تحقيق مآربهم بالفرار بعيدا. وهو ما صعّب من مهمة رجال الضبطية في الإمساك بهم، خاصة مع صراخ السكان المحتجزين والضحايا الذين كانوا يطالبون بالنجدة. وفي هذا السياق، روى الضحايا تفاصيل مروّعة عمّا تعرضوا له في تلك الليلة، ولم تكد حلقة الكر والفر تلك تنتهي لولا استعمال أعوان الشرطة لآلات الصعق الكهربائي ضد جماعة زرعت الرعب في قلوب المواطنين وعاثت فسادا في المنطقة ككل.وقد أدانت محكمة الجنايات المتهم الرئيسي في القضية بالسجن النافذ ل 15 سنة، فيما أدانت بقية المتهمين بأحكام تراوحت بين الخمس سنوات سجنا نافذا لأربعة منهم وعام سجنا نافذا للبقية.