تعود جائزة ”علي معاشي”، للمبدعين الشباب التي تأتي تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، حسبما أعلنت عنه وزارة الثقافة في بعض الجرائد الوطنية الصادرة نهار أمس، في طبعتها الخامسة هذا العام وحسب البيان فإن آخر أجل لتقديم ملفات المشاركة هو الفاتح من مارس القادم. بعيدا عن هذا يتساءل المبدع الجزائري عن الذي قدمته الجائزة التي أطلقها الرئيس في طبعاتها السابقة؟ في استطلاع ل”الفجر”، نشر في الأعداد السابقة، أكد لنا بعض المشاركين أن هذه الجائزة التي تشمل عدة فنون أدبية والفنية، كالشعر والرواية والمسرح والفنون التشكلية، والموسيقى والغناء والرقص والسينما، لا تحمل بين طياتها تنشئة أدبية مستمرة.. إذ لم نسمع أن وزارة الثقافة قامت برعاية أحد الفائزين في مختلف فروع هذه الجائزة، أو ساعدت على الترويج له في الداخل والخارج، بل لم تكلف نفسها عناء طبع الأعمال الأدبية الفائزة السابقة في إصدارات، رغم أنها تصرف الملايير على الكتاب سنويا وذلك في إطار برنامج رئيس الجمهورية الداعم للكتاب، خاصة مشروع ال1000 كتاب كل سنة. كما يطرح المبدعون الشباب تساؤلات عدّة، أهمها ما جدوى إطلاق جائزة تمنحنا سنويا أسماء جديدة مناصفة ومثالثة ومرابعة بينما قيمة جوائزها لا تسمن ولا تغني، حيث لا تتعدى قيمة جائزتها الأولى عن 500 ألف دج، رغم ارتباطها باسم رئيس الجمهورية، ورغم أن البعض يعتبر القيمة المادية لا تصب في اهتمامات المبدع الأولى.. ولكن الواقع أن قيمة هذه الجائزة مهمة جداً للمبدعين الشباب. كما أن هذه الجائزة تعد الملاذ الوحيد للمبدعين الجزائريين في ظل غياب جوائز أخرى في بلادنا، حيث تقول القاصة وإحدى الفائزات بالجائزة، عقيلة رابحي، التي قامت نهاية السنة الفارطة بطبع عملها بعيدا عن دعم الوزارة، إن ”جائزة علي معاشي تبقى تقليدا راسخا في المشهد الثقافي بالجزائر، حيث سمحت باكتشاف العديد من الأسماء التي كانت تكتب في صمت أو تلك الأسماء التي ظلمتها الجغرافيا، حيث أننا إذا اطلعنا على قائمة الفائزين بالجائزة منذ عام 2007، يعني منذ دورتها الأولى، نجد أن معظم الفائزين هم من الولايات الداخلية”قسنطينة، سطيف، عنابة، وهران، جيجل.. بالإضافة إلى بعض الأسماء من العاصمة، وهم كتاب شباب يمارسون مهنة الإعلام”. وأضافت المتحدثة قائلة:”أرجو أن تهتم الوزارة في المستقبل بمضاعفة مبلغ الجائزة وطبع أعمال الفائزين لأن كل الذين فازوا بها لم يتم طبع أعمالهم من أجل تحقيق المزيد من النجاح”. الروائية هاجر قويدري، كان لها رأي مغاير لزملائها الفائزين بالجائزة، حيث ترى أن الجائزة لا تشكل لا البدايات ولا الخواتم، وعلى الرغم من لطف الجائزة المالي. في حين يعتقد الشاعر إبراهيم صديقي أن الجائزة هي من أهم الجوائز المتواجدة بالوطن، خاصة أنها تحمل اسم رئيس الجمهورية، لذلك فهي قادرة على أن تمنح الفائز بها ما يحتاجه على المستويين المادي والمعنوي. وتكمن أهمية هذه الجائزة، حسبه، في كونها تفتح المجال أمام الشاعر أو الروائي الذي يتحصل على هذه الجائزة ما يحتاجه من شهرة، إذ ستكون باستطاعته أن يكون حاضراً في المشهد الإعلامي والمنابر الثقافية أكثر من ذي قبل، كما أنها تعد فرصة للمبدع كي يعيد اكتشاف نفسه من خلال القراءات النقدية التي ستسلط الضوء على عمله الإبداعي ويستفيد من تلك الدراسات في أعماله الإبداعية الجديدة. القاصة نسيمة بولوفة، تؤكد تخوف المبدعين الشباب من خوض غمار هذه المسابقة التي لازال العديد من الذين فازوا بها في الطبعات السابقة لم تر أعمالهم النور بعد، كما لم تحظى بالنشر، ودفع المؤلف ثمن إصدار تلك الأعمال التي يفترض أنها حاصلة على جائزة تحمل اسم رئيس الجمهورية. ونوهت المتحدثة بالدعم الذي قدمته الجائزة للمبدع، حتى إن كان هذا الدعم المادي قليل جداً إلا أنها ستسمح في المستقبل القريب بالتعريف بنتاج هؤلاء الشباب المبدعين. إن كان حظ هؤلاء كان إيجابيا نوعا ما، إلا أن حظ الروائي إسماعيل ابرير أقل إيجابية من هؤلاء، حيث كان عمله الفائز بالجائزة محط اهتمام إحدى المؤسسات العمومية التي قامت بطبع العمل دون اتفاق مسبق مع الكاتب، حيث تفاجأ بكون عمله متواجدا بالمكتبات دون أن يأخذ سنتا واحداً. آراء هؤلاء المبدعين الشباب قد تشكل صدمة لمن يفكر في خوض تجربة المشاركة في هذه المسابقة. ولكن ما لا شك فيه أن الجائزة سمحت للعديد من الأسماء الجزائرية أن تكون محط اهتمام العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية، كما ساعدت آخرين على الانطلاق نحو أفق أوسع في الكتابة، لكن يبقى دائما حلم جيل الشباب المبدع عندنا أن تكون الجائزة بحجم راعيها، وأن تكون شروط المشاركة فيها كباقي المسابقات العربية والعالمية الأخرى خاصة فيما يتعلق بعدم المشاركة لمن فاز بها في السابق، حتى يكون هناك فرصة للآخرين في المشاركة وعدم احتكارها من قبل أسماء سبق لها أن حظيت بفرصة الفوز بها. وإلى أن ينتبه القائمون على الجائزة إلى هذه الإنشغالات والتساؤلات التي يطرحها المبدع الجزائري، يمكننا أن نذكر هؤلاء أن هذه المسابقة هي مفتوحة لكل المبدعين الجزائريين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة.