اتهم الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان أعضاء مجلس الأمة بالتقصير في مناقشة مشروع قانون الميزانية لسنة 2008، رغم أنه كان مطلبا برلمانيا منذ عدة سنوات، وهذا بعد استغراق لجنة المالية يومين فقط في دراسة النص، دون إشراكها لممثلين عن الحكومة، عكس الأهمية التي لقيها بالغرفة السفلى، حيث استغرق ثلاثة أشهر كاملة على مستوى اللجنة، مع إشراك ستة ممثلين عن الحكومة والمدارء العامين لعدة هيئات رقابية. وأجرى الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، محمود خذري، خلال عرضه للمشروع، أمس، على أعضاء مجلس الأمة، مقارنة بين النقاش الذي دار بالبرلمان وطريقة التناول الفاترة على مستوى مجلس الأمة، مستعينا بالأهمية التي يكتسيها المشروع، باعتبار أنه كان محل طلبات عديدة ومتتالية من قبل النواب للإفراج عنه، ليكون بذلك أول نص يسمح بمراقبة الشفافية المالية منذ فجر التعددية. غير أن أعضاء مجلس الأمة لم يهضموا تلك الانتقادات، وهو ما ورد على لسان السيناتور، بوزيدي لزهري، عن الثلث الرئاسي، فبعد أن أعطى الخلفية التاريخية لميلاد المراقبة البرلمانية للمال العام وطرق إنفاقه، كإجراء تم إقراره بالمملكة البريطانية العظمى خلال القرون الغابرة، وصل للقول إن أعضاء مجلس الأمة لم يدرسوا المشروع بالطريقة التي أرادتها الحكومة، بسبب انشغال أعضاء مجلس الأمة بمشاكل المواطنين، مسجلا في ذات السياق أن الأعضاء ليسوا متخصصين في مهام المراقبة المالية والمحاسبية، سيما وأن المشروع ورد به أكثر من ألف جدول، مطالبا الحكومة بتوفير متخصصين في المجال المالي، من كتاب ومستشارين يستعين بهم العضو لتحليل المشاريع المتصلة بالمالية. وطالبت لجنة المالية خلال دراستها للمشروع بوضع حد لطريقة إعادة تقييم المشاريع العمومية حفاظا على المال العام، واستشهدت بما وقع بالطريق السيار شرق-غرب، بالإضافة إلى تسجيلها عدم جدوى فتح الصناديق الخاصة، لأن أغلبيتها لم تستنفد الأموال المرصودة بها، فضلا عن تساؤلات تتصل بأسباب عجز الميزانية وخلفية المشاريع الممركزة التي عرفت نسبة متدنية في استهلاك قروض الدفع أو رخص البرامج، لاسيما في قطاعي الفلاحة والنقل. وأكد الوزير، في رده على هذه الانشغالات، بالقول إنه تمت مراجعة التنظيم الخاص بالصفقات العمومية واشتراط نضج دراسات مشاريع التجهيزات العمومية قبل تسجيلها في مدونة الاستثمارات العمومية، زيادة على عملية إعادة تقييم تفوق نسبتها 15 بالمائة بالنسبة للمشاريع الكبرى تخضع للموافقة المسبقة لمجلس الوزراء. كما تمحورت أغلبية مداخلات أعضاء مجلس الأمة حول ضرورة حل بعض الصناديق وتجميع بعضها، بالإضافة إلى الدعوة للإفراج عن القوانين العضوية للمالية، وطالبوا بضرورة أن يسبق قانون المالية قانون ضبط الميزانية، حتى يكون هناك حفاظ على المال العام، مؤكدين على أهمية الإفراج عن القوانين العضوية للمالية، كما استفسروا عن سبب امتلاك صندوق ضبط الإيرادات التي بلغت 104 بالمائة للوثائق اللازمة التي طلبها مجلس المحاسبة. وطالب أعضاء مجلس الأمة بإقرار الشفافية اللازمة فيما يتصل بالجباية البترولية وأهمية تنسيق الوكالة الوطنية للطاقة والمعادن الثمينة المستحدثة في إطار قانون المحروقات الأخير الصادر سنة 2005، مع مجلس المحاسبة، حتى يوضع حد للتضارب وتكون هناك إجابات عن عدة تساؤلات.