احتضنت أوبرا الجزائر "بوعلام بسايح" سهرة أوّل أمس، حفلا استذكاريا مميزا للفنّانة وردة الجزائرية، وذلك في إطار الفعاليات المخلّدة للذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية المباركة (1954- 2024) وإحياء للتراث الفنّي والغنائي الوطني بمشاركة نخبة من الفنّانين الجزائريين. أشرف وزير الثقافة والفنون، زهير بللو، على انطلاق هذا الحفل الاستذكاري الذي نظمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام بالتنسيق مع أوبرا الجزائر "بوعلام بسايح"، والذي حضره الأمين العام لوزارة الدفاع الوطني والأمين العام لوزارة المجاهدين وذوي الحقوق، إلى جانب عدد من البرلمانيين والإطارات، وكذا نجل الفنّانة رياض قصري، وجمهور كبير من محبي "أميرة الطرب العربي" وردة الجزائرية (1939- 2012). وأمام قاعة ممتلئة احتفى الجمهور أيضا بوردة الجزائرية واستمتعوا بباقة من الأغاني التي اشتهرت بها الفقيدة طيلة مسيرتها الفنّية الثرية، وأعيد غناؤها بالمناسبة من قبل ثلّة من المغنيين الجزائريين وهم حسيبة عمروش وآمال وهبي وندى الريحان ورحاب الجزائرية، إضافة إلى خالد محبوب وفؤاد ومان تحت قيادة كمال معطي. وبعد افتتاحية موسيقية بعنوان "سونا" استهلت المطربة ندى الريحان، بصوتها الشجي أولى أغاني السهرة بأداء "أدعوك يا أملي من بعيد" وهو نص شعري شجي بمغزى وطني كتب كلماته الشاعر الجزائري صالح خرفي، ولحنه الموسيقار بليغ حمدي. من جهتها أدّت الفنّانة رحاب الجزائرية، باحترافية كبيرة وإحساس عميق أغنية "أيام" كلمات منير بو عساف وتلحين بلال زين، إذ تعتبر هذه الأغنية آخر ما سجلته الفنّانة الراحلة عام 2009، وتم تصويرها في فيديو كليب من إنتاج نجلها وليد القصري وإخراج مؤنس خمار. كما أدى فؤاد ومان، أغنية "لولا الملامة" التي أنتجت سنة 1973، من تأليف مرسى جميل عزيز وتلحين الموسيقار محمد عبد الوهاب، بينما أعاد محبوب خالد، أغنية "اسمعوني" (1974) تأليف سيد مرسي وتلحين بليغ حمدي. بدورها أدت آمال وهبي، أغنية "في يوم وليلة" التي كتبها حسين السيد ومحمد عبد الوهاب، وكذا أغنية "بتونس بيك"، فيما أطربت حسيبة عمروش، الحضور بأغنية "عيد الكرامة" التي تفاعل معها الجمهور بشدة وذكّرتهم باحتفالات الجزائر بالذكرى العشرين للاستقلال. كما عرف الحفل تخصيص فقرة اجتمعت فيها الأصوات الستة لأداء كورالي لأغنية "بلادي أحبك" بما تحتويه من كلمات تمجّد حب الوطن، كما عرض بالمناسبة شريط وثائقي ركز على أهم المحطات في حياة الفنّانة الراحلة وأبرز شخصيتها الوطنية. وعبّر رياض القصري، نجل الفقيدة عن اعتزازه بهذا الحفل الاستذكاري الذي "يؤكّد أنّ ما قدّمته والدته ما يزال خالدا وتتداوله الأجيال بكلّ حب وأمانة". وبدأت الراحلة الغناء في سن مبكرة نهاية الخمسينيات، حيث أدّت أوّل أغنية وطنية لها بعنوان "كلنا جميلة" عن المجاهدة جميلة بوحيرد، كما غنّت في أوبيرات "الوطن الأكبر" بداية الستينيات. وأنشدت فقيدة الطرب العربي بصوتها العذب كفاح ومقاومة الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي، وقدمت رائعة "عيد الكرامة" بمناسبة الذكرى ال20 لاستقلال الجزائر، وأبدعت في "إلياذة الجزائر" لشاعر الثورة الراحل مفدي زكريا، بعنوان "بلادي أحبك" التي أصبحت تردد في كل المناسبات والأعياد الوطنية.