أفادت أمس مصادر مطلعة أن رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، يحضر لحكومة جديدة تكون قادرة أكثر على مسايرة الإصلاحات التي باشرها منذ التحاقه بقصر المرادية والتخلي عن وزراء بات وجودهم من عدمهم سيان أوردت مصادر “الفجر” أن أيام حكومة أويحيى صارت معدودة في ظل كثرة مطالب تشكيلات سياسية ومنظمات وجمعيات فاعلة في المجتمع الجزائري، وعدم مسايرتها للأحداث، سيما ما تعلق بالحركات الاحتجاجية المتنامية، والتي بلغت ذروتها منذ أسابيع قليلة، أين خرج الشبان في مسيرات وحركات غضب كلفت خزينة الدولة خسائر بالملايير وتسببت في انتحار مواطنين حرقا، وهو ما ولد قناعة لدى القاضي الأول في البلاد بضرورة إحداث تغيير. ولم تخف ذات المصادر أن أول الوزراء المستهدفين في التغيير الحكومي المرتقب، وزراء الصحة وإصلاح المستشفيات، ولد عباس، والتربية الوطنية، بن بوزيد، والتضامن الوطني، بركات، وهم الوزراء الذين يشغلون منصب وزير منذ أكثر منذ عشرين سنة تقريبا، إلى جانب وزيرة الثقافة، خليدة تومي. وذهبت مصادر “الفجر” إلى التأكيد أن رئيس الحكومة الحالي، أحمد أويحيى، سيكون هو الآخر في عين الإعصار، حيث عاد تداول اسم وزير الموارد المائية، عبد المالك سلال، بقوة في دواليب السلطة لشغل منصب رئيس الوزراء الجديد، رغم أن الحديث جرى عن وزير الطاقة، يوسف يوسفي. كما أن الرئيس يكون قد أبدى قلقه بشأن جدوى التحالف الرئاسي الذي كان خارج الإطار خلال الاحتجاجات الأخيرة، وهو ما يرجح أكثر فرضية التقليل من الدور الذي يلعبه الأمين العام للأفالان وزير الدولة، عبد العزيز بلخادم، في سياسة الرئيس، بوتفليقة، وهو ربما ما أبانته الخرجة الأخيرة لبلخادم، الذي حاول من خلالها تصحيح بعض أطروحاته المتعلقة بالتغيير الحكومي المرتقب الذي لن يكون تعديلا، على اعتبار أن أكثر من 6 وزراء سيغادرون مبنى الحكومة، إضافة إلى رئيس الجهاز التنفيذي. وتستبعد مصادر “الفجر” تواصل لعبة الشطرنج بين رجلي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، أويحي وبلخادم، وتبادل الأدوار في رئاسة الحكومة، كما حدث منذ سنوات بالنظر لمعطيات الساحة السياسية الراهنة ومتاعب الرجلين، سيما بلخادم، الذي وجد نفسه وسط معركة داخلية عنيفة تقودها حركة التقويم، التي تطالب برأسه وشكلت أول أمس لجنة مستقلة تتكون من إطارات مشهود لها بنضالها الطويل في صفوف الحزب العتيد، مهمتها السعي للإطاحة بالأمين العام، وإبعاد عدد من المحسوبين عليه، وهي الحركة التي تلقى من يوم لآخر دعم العديد من الوجوه الفاعلة في الأفالان، كما أن أويحيى لم يعد الرجل القادر على مسايرة الإصلاحات وامتصاص الغضب الشعبي، خاصة في الأوساط الشعبية الناقمة عليه شخصيا، وفي مذكرتها سياسة تسريح مئات الآلاف من العمال في التسعينيات ، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام الوزير، سلال، التقنوقراطي الهادئ، الذي يحظى بثقة الرئيس وأقرب مقربيه، وما إشرافه على حملته الانتخابية في الرئاسيات الماضية إلا عربون ثقة. يضاف إلى كل ذلك الشرخ الحاصل في التحالف، وهو ما يبرزه خرجة عبد الرزاق مقري، نائب رئيس حركة مجتمع السلم، الداعية إلى ضرورة إحداث تغيير سريع وعميق، وهي نفسها أطروحة أبوجرة سلطاني نفسه، خاصة وأن الحركة بادرت إلى طرح مبادرة سياسية تحاول الوصول الى اجماع وطني حول القضايا الراهنة. ومعلوم أن تشكيلات سياسية وجمعيات وطنية تطالب منذ مدة بضرورة إحداث تغيير، وتستعجل تدخل بوتفليقة، على غرار حزب العمال وحركة النهضة وجمعية 8 ماي 1945 التي أعلنتها صراحة في “ نداء مواطن”، داعية رئيس الجمهورية إلى الإسراع في معالجة الوضع وتنحية عدد من الوزراء الحاليين الذين أخطأ الرئيس في وضع ثقته فيهم، حسب ذات الجمعية.