مع تسارع وتيرة الاحتجاجات التي اجتاحت ليبيا مطالبة بسقوط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، وارتفاع عدد القتلى الذي وصل إلى معدل قياسي حسب تأكيدات المراقبين والمنظمات الدولية، التي قالت بأنها لا تستبعد أن يكون عدد القتلى تعدى ال200 قتيل منذ اندلاع موجة الاحتجاجات في ليبيا، بدأ مؤرخون وخبراء سياسيين في التسابق من أجل رسم سيناريو المرحلة القادمة في ليبيا ومعرفة ما إذا كان سيواجه القذافي مصيرا أسود كالذي عرفه كل من بن على ومبارك وقال الصحفي الليبي عاشور عبد الرحمان محمد، المقيم بلندن، ل”الفجر”، إن القذافي لا ينحدر من سرت إنما ولد في ترهونه وهي منطقة تدعى جارف وهي تبعد حوالي 35 كيلومتر جنوب غرب سرت. لكنه حول سرت إلى عاصمة محصنة لقبيلته بعد أن هجر منها سكانها الأصليين لما فيها من ثروات بترولية. ويقول الكاتب إن منطقة سرت عرفت عمليات تهجير قسريه للقبائل الأصلية التي تسكنها، وأضاف: “لقد رٌحّل منها كل من كان أبوه أو ممن يحملون كتيب عائلة صادر من مدينة أخرى وذلك بأن تم إجباره على العودة لها. أما عملية التوطين فإنها خصصت فقط لقبيلة القذافي”. وأضاف: “إن العملية تمت في مراحل متعددة باستخدام القوة والقهر على إجبار القبائل على بيع أراضيها بالقوة”. وأوضح محدثنا أن مدينة سرت أصبحت اليوم تحت سيطرة تامة لقبيلة القذافي وقال: “كل المراكز والمواقع الإدارية المهمة على مستوى المؤسسات على مستوى المدينة هي حق مكفول لأفراد القبيلة”. وأكد الكاتب أن احتكار قبيلة القذافي لثروات المنطقة جاء بدعم منه، حيث سعى القذافي إلى تحويل المدينة إلى شبه ملجإ يعود إليه في حال تأزم الأوضاع كما هو الحال اليوم. ولم يستبعد محدثنا أن يكون القذافي قد لجأ بالفعل للاختباء هناك، خصوصا وأنه لم يظهر ليخاطب شعبه وظهر نجله سيف الإسلام، في مشهد أوحى لجميع بأن القذافي انتهى. وأوضح الكاتب أن القذافي أنشأ مجمعات سكنية صغيرة تحيط بالمدينة وأسكن بها أشخاص من أصول من تشادية وإفريقية، وقال: “تلك التجمعات تقوم بالتخديم على أهالي قبيلته التي لا تزال تؤيده إلى غاية الآن لما يضمنه لها من حماية على حساب أهالي مدينة سرت الأصليين والمنحدرين من قبائل أخرى تسكن المنطقة منذ عصور غابرة”. وقال: “لقد استخدمت قبيلة القذافي تلك المجتمعات في مخططات سابقة لظلم واستعباد أهالي المنطقة الأصليين من القبائل المجاورة”. وأضاف: “لقد قامت قبيلة القذافي في عدة مناسبات بتوزيع سكنات جديدة على أعوانهم والأفراد الذين يخدمونهم والمحيطين بهم من أقاربهم وذلك أمام أعين كل أهالي مدينة سرت، ما أثار استهجان الأهالي في عدة مرات قاموا بمحاولة الاستيلاء على المساكن بمفردهم إلا أن الشرطة الموجهة منعتهم وأخرجتهم وقادتهم للسجن”. ولا يذكر القذافي أنه من منطقة ترهونة، ويقول عن نفسه إنه ينحدر من قبيلة القحوص من الدهامشة من قبيلة عنزة الكويتية وأن أجداده خرجوا من نجد بسبب مطالبتهم بالدم وتم إجلائهم في المرحلة الأولى إلى مصر ثم إلى تونس واستقروا أخيرا في ليبيا. ويبلغ عدد سكان سرت حوالي 70 ألف نسمة يعيشون على العمل في مجال تربية الماشية والإبل في المساحات الشاسعة من الأراضي الرعوية بالشعبية، بالإضافة إلى بعض الأنشطة الزراعية الأخرى وبعض المهن الحرفية، كما يعمل السكان في المجال الصناعي وخاصة بالمواني النفطية برأس لانوف والسدرة بالمجمع الكيميائي العملاق رأس لانوف وفي مجال الخدمات الإدارية والتجارية المختلفة.