تعليقا على مقال “أن تكون في عمر العشرين في بلاد آيات الله..” بقلم السيّد بوزيد .. السيدة حدة مطالبةُ الشباب الجزائري بقراءة هذا الكتاب يشبه تماما قراءة المنفستو لكارل ماركس والذي تحدث عن الدين كمخدر للعقل. سيدتي نحن في الجزائر ولله الحمد؛ ليس لدينا فكر الملالي وليس لدينا “ولاية الفقيه” وكذلك ليس لنا الفكر الكنسي الذي كان فعلا يلغي العقل والعلم معا. فماركس قد يكون محقا فيما عاشه من تجارب مع الكنيسة وفرهد هو الآخر قد يكون محقا فيما عاشه مع الفكر الشيعي “الإيراني” أما نحن في جزائرنا، فإننا ننتمي إلى المدرسة السنية التي لا ترى المرجعية في الأشخاص، بل المرجعية هي القرآن والسنّة النبوية ولهذا نجد أن المدارس الفكرية السنّية هي أكثر احتراما للإنسان بجميع مكوناته الحسية والمعنوية من أي فكر آخر ولهذا وجدنا سيدتي فكرا ثريا في تاريخ المجتمع السنّي ولنا أمثلة كثيرة من بينها كتب ابن رشد وابن العربي وصولا إلى مالك بن نبي والبشير الإبراهيمي..وإنه لمن الخطإ إسقاط النموذج الإيراني على الدول العربية الثائرة ومن بينها الجزائر، فنحن وبحمد لله ليس لدينا أحزابا ثيوقراطية بالمعنى التقليدي للكلمة أو المعنى الذي جاء في القواميس. نحن لدينا أحزاب ذات توجّه إسلامي تؤمن بالتعددية الفكرية والحزبية والسياسية وحتى التعددية العقدية وهذا في إطار قيم المجتمع، وقد وجدنا في تاريخ الأحزاب السياسية المعاصرة في الجزائر مثلا؛ أن أكبر من دافع على المرأة مثل المفكر الأستاذ محفوط نحناح الإسلامي الفكر لدرجة أصبح الدهماء في المجتمع يتهكّمون على حزبه بأنه “حزب النساء” لكن هؤلاء الجهلة نسوا أن أول من دخل الإسلام هي امرأة اسمها “خديجة بنت خويلد” وأن أول من مات دون حريته الشخصية هي امرأة اسمها “سمية”. نحن نحاول دائما أن ننظر إلى الجانب المظلم من العالم ثم نحاول أن نقنع الجميع أن الأرض كلها مظلمة، لكننا في ذات الوقت نغض الطّرف عن الجانب الآخر من نفس العالم المضيء، إذ لا يمكن للعام أن يكون كله مظلما في وقت واحد. وعليه لماذا نغفل عن النموذج التركي مثلا فلماذا لا نقرأ كتب علي عزت ميلوزفيتش أو نقرأ فكر إبراهيم روغوفا أو نطّلع على فكر الراحل “نجم الدين اربكان” فأهل الترك أقرب إلينا من ملالي إيران. يخطئ من يربط التطرف بالكتب السماوية أو بالأديان، إن التطرف مصدره العقول المختلة والنفوس المريضة التي تحب التسلط والاستحواذ ولا أعتقد أن الشخصيات التي تمرّدت على الشرائع والتعاليم الدينية كانت في منأى عن التطرف فها هي روسيا مدرسة الشيوعية التي حولت العباد إلى عباد لستالين ولينين وها هو ملازم ليبيا أراد أن يصنع دينا جديدا اسمه الكتاب الأخضر والذي صار مقدما على القرآن ومن تطرّفه تهجّم حتى على الصدر الأول في الإسلام، ذاك الجيل الذي شهد حراكا سياسيا “ديمقراطيا” لم يكن العالم كله يحلم به. وها هي حتى الدولة الوطنية والقومية في عالمنا العربي التي فرضت نفسها من خلال ميثاق أو دستور بالقوة وأرغمت الناس أن يدخلوا في “دينها” أفواجا وهذه الأنظمة التي ترفض اليوم الرحيل مثل الشجرة المعمّرة التي لا تقتلع إلا بعدما تهدّم مبتني وتقلب الأرض رأسا على عقب. إنها ثيووطنية لها نصوصها ومرجعيتها هي مبجلة أكثر من نصوص القرآن أو الحديث النبوي (...) الشباب الجزائري أظنه واع وهو في حِل من ترسبات الماضي، الشباب الجزائري هو حزب وفكر مستقل بذاته وحين يريد أن يعبّر عن نفسه فلا ينتظر الإشارة لا من الإسلاميين ولا من العلمانيين ولا من الملحدين ولا من الوطنيين أو القوميين. إن التنوع الموجود في الغرب يعتبرونه عنصر إظافي في رقي تلك البلدان، ولقد وجدنا في دولة مثل كندا يترشح رجل سيخي بعمامته وينجح في دائرته الانتخابية ووجدنا في نفس البلد امرأة مسلمة متحجبة يقدمها الحزب كمرشحة له دون غيرها في عاصمة البلاد. علينا أن نخرج من الدوائر الضيّقة وننطلق إلى الفضاءات الواسعة التي تحررنا فعلا من الهواجس الوهمية، فنرى الأشياء على حقيقتها. رجاء النشر إذا كنا فعلا ننشد حرية التعبير وحرية الرأي ولا نحجر على بعضنا البعض.