لا يا سيادة الوزير، الجزائر ليست مقاطعة فرنسية، مثلما يعتقد رئيسك.. أذكّرك؛ أننا منذ شهر فقط احتفلنا بالذكرى الواحدة والخمسين لعيد النصر، المناسبة التي وقعنا فيها معكم على وقف إطلاق النار، ويومها استرجعنا السيادة الوطنية. ربما هناك من يوهمكم بأن فرنسا مازالت تتحكم في زمام الأمور في الجزائر بفضل بقايا الاستعمار هنا، هؤلاء يضحكون على ذقونكم ويستغلون غباءكم عفوا - أحلامكم - وقد يستجيب وزير الخارجية ويرد على أسئلتكم أو “مساءلتكم” بشأن مزاعمكم وما لفّقه حلفاؤكم في ليبيا من أكاذيب حول دعم الجزائر للقذافي. الشعب الجزائري ودون استثناء يقف عن قناعة إلى جانب محنة الشعب الليبي في بنغازي مثلما في طرابلس، لأننا وبعد أزيد من شهرين تأكدنا أن من يريدون الإطاحة بالقذافي لا يقلون عنه جنونا وحبا للسلطة، بل منهم من تآمر لعقود على الشعب الليبي إلى جانب القذافي ومنهم عبد الجليل، الذي يجوب اليوم العواصمالغربية ويرهن المستقبل الاقتصادي للشعب الليبي بين يدي ساركوزي .. عبد الجليل الذي قال أمس إن مستقبل ليبيا الاقتصادي مع الدول التي وقفت مع الثوار، وهو ما يعني أن فرنسا وضعت يدها على نفط ليبيا تماما مثلما وضعت أمريكا يدها على نفط العراق، واكتملت الصورة وانكشفت اللعبة .. عبد الجليل هذا كان وزيرا للعدل في دولة القذافي ووقّع على إعدام الطلبة الليبيين سنة 1996 ، واليوم يتحول إلى ثائر، ويركب قطار الإصلاحات حتى لا يحدث له ما حدث لأحمد عز ووزراء مبارك. وبالعودة إلى فرنسا.. أقول لجوبيه، إنّ الجزائر لن تدعم القذافي لا بالسلاح ولا بالمواقف، وإن موقفها هو موقف البحث عن حل سلمي للمأزق الذي أغرقت فيه ليبيا، والجزائر لا تقبل بأن يأتي رئيسك الفاقد لكل مصداقية في بلادك، ليلعب بمستقبل ليبيا في حملة انتخابية مسبقة، ويطالب بالإطاحة برئيس بلد آخر، حتى لو كان هذا الرئيس اسمه القذافي بكل مساوئه، فالشعب الليبي وحده من يحق له الإطاحة به وبتغيير النظام، تغييرا كنا نتمنى أن يتم عبر الصناديق، لكن لا القذافي ولا بعض الثوار يفقهون ما معنى الشرعية وما معنى الدولة والمواطنة، ما يوحي بأن مأساة هذا الشعب، الذي لا أحد يعرف رأيه فيما يحدث في بلاده، ستطول. ثم إن قوة القذافي استمدها منكم أنتم، فأنتم تعرفون مدى جنون الرجل ومع ذلك قبلتم بتسليحه، وهو يملك أسلحة لا تملكها فرنسا ذاتها، والدليل على ذلك أنه بمجرد اندلاع الانتفاضة اسودّت الجماهيرية بالسلاح، وغرقت المنطقة في دم، أنتم أول المسؤولين عنه، وأنتم أيضا تعرفون أن القذافي أكثر تسليحا من الجزائر. لن تقف الجزائر مع القذافي مثلما لن تقف في جهة تحركها فرنسا لمصالحها، مع أننا قلبا وقالبا مع الشعب الليبي في محنته، لأننا ذقنا المر على يد الرجل الذي كان ومايزال يحاول خلط الأوراق في الجزائر، سواء بورقة الإرهاب الذي كان يرفض الاعتراف بوجوده على ترابه، إلى أن ثارت الجماعة الليبية المقاتلة واستهدفته، أو في منطقة التوارڤ حين حاول دعمها وشجعها على الانفصال، حتى في منطقة وادي سوف، موّل ودعّم ما كان يسمى باللجان الثورية لتدين بالولاء للقذافي وتزرع الفوضى في الجزائر... من أجل كل هذا، لن تجد في الجزائر من يسمح لأي مسؤول بأن يقترف هذا الخطأ القاتل، يا معالي وزير دولتك التي تحنّ إلى أرض يعلم الداني والقاصي أنها تكفر بأقدامكم.