تجري حركة النهضة حاليا مشاورات مع عدد من نواب البرلمان من أجل تشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول ملف الخوصصة ودفع السلطات العليا إلى التحقيق في عمليات خوصصة مشبوهة دمرت الاقتصاد الوطني وتحكم فيها لوبي على علاقة وطيدة بدولة أجنبية واحدة ويملك نفوذا كبيرا داخل الحكومة صمت غريب للحكومة إزاء الإخلال بدفتر الشروط ومطالب بالتحقيق في مجلس مساهمات الدولة كشف، أمس، النائب محمد حديبي، من حركة النهضة، عن سعي الحركة إلى ضم عدد من النواب في لجنة تحقيق برلمانية حول ملف خوصصة المؤسسات العمومية، وتسليط الضوء على عمليات الخوصصة التي شابها الكثير من الغموض، وأثبتت الأيام أنها لم تكن سوى تواطؤا على الاقتصاد الوطني وتدميرا لما تبقى من المؤسسات العمومية، بدليل تسجيل انخفاض رهيب في طاقة الإنتاج لعدد من المؤسسات التي تمت خوصصتها، فيما لم تعد ثمار الخوصصة لا على العمال ولا على الاقتصاد، بل استفادت منها جماعات الضغط و “لوبي على علاقة مع دولة أجنبية واحدة عمل على إزاحة المتعاملين العرب لفائدة مجموعة معينة تملك نفوذا قويا في السلطة أو الحكومة”، حسبما أكده المصدر. وقال محمد حديبي، أمس، في تصريح ل “الفجر”، إن حركة النهضة تملك ملفات وأدلة حول عمليات خوصصة مشبوهة طالت عددا كبيرا من المؤسسات العمومية، تم فيها الإخلال بالاتفاقات المبرمة مع الحكومة ودفتر الشروط، دون أن يتحرك الجهاز التنفيذي للبحث في الأمر أو إيقاف الكارثة. وأضاف أن الحركة تلقت شكاوى عديد من عمال ونقابيين تعرضوا للطرد من المؤسسات المخوصصة، عكس ما ينص عليه الاتفاق المبرم مع الحكومة، مؤكدا أن الحركة بعد تلقيها شكاوى حول حقيقة ما يحدث في عمليات الخوصصة، تحرت على طريقتها في القضية واكتشفت عملية تواطؤ واضحة على الاقتصاد الوطني نفذها لوبي قوي النفوذ في الحكومة “وهو ما قد يبرر صمت هذه الأخيرة”. وفي ذات السياق، قال النائب إن الأرقام والأسماء التي تملكها الحركة حول عمليات الخوصصة، تبين أن مجموعة ضاغطة حولت ملف الخوصصة لخدمة مصالحها دون أن تتمكن الحكومة من فرض سلطتها، حيث “عمدت إلى إزاحة متعاملين عرب ثبت نجاحهم ميدانيا من أجل استفادة لوبي على علاقة مع دولة أجنبية”، رفض المصدر الإفصاح عنها ويرجح أن تكون فرنسا، وقال إنه بعد التحريات في قطاعات إنتاجية تبين أن عمليات الخوصصة لم تكن شفافة وطالها الكثير من الغموض والتلاعب وخرق لدفتر الشروط والاتفاقات التي جمعت الحكومة مع أصحاب الشركات التي تمت خوصصتها، منها ما تعلق بطرد العمال أو خفض طاقة الإنتاج أو تغيير القانون الداخلي للمؤسسة. وأكد محمد حديبي أن عددا معتبرا من هذه الشركات قلصت الإنتاج بشكل كبير، منها مصانع الاسمنت والحليب، دون أن تتحرك الحكومة، متسائلا “هل هذا دليل على التواطؤ والتورط، أم أن الجهاز التنفيذي أصبح رهينة لدى هذه الجماعات؟”، وأوضح في تصريحه أمس أن حركة النهضة تسعى إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية تبحث في ملف خوصصة المؤسسات العمومية واستدعاء الوزارات المعنية بالملف، وفتح تحقيق في مجلس مساهمات الدولة، الذي قال عنه “إنه أصبح هيئة لتبييض عمليات خوصصة مشبوهة”، وذلك بعدما راسلت الحركة عددا من الجهات حول الخوصصة دون أن تتلقى ردا من أية جهة. وأضاف المتحدث أن المبادرة مفتوحة لجميع نواب البرلمان بمن فيهم نواب التحالف الرئاسي، وقال إنه بإمكانهم المشاركة في اللجنة إذا كانوا يملكون الجرأة على فتح ملف أنهك الاقتصاد الوطني، مشددا على ضرورة كشف المسؤولين عن هذه الكارثة ومحاسبتهم، وطالب السلطة بتحمل مسؤوليتها في هذا الشأن، مشيرا إلى أنه في حال فشل خطوة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في ملف الخوصصة مثلما حدث في مرات سابقة، فإن الحركة ستكشف الأسماء والأرقام للرأي العام استنادا إلى الملفات التي بحوزتها.