النار في بيتك سيد ساركو، والربيع العربي الذي نقلت عسكرك لدعمه ودعمك المزعوم للديمقراطية في ليبيا وربما في سوريا مستقبلا، ها هو يحط الرحال بأراضيك، ها هو بوعزيزي فرنسي تلتهمه النار على عتبات مؤسسة فرنسية، فالموت حرقا لم يعد صناعة عربية، وظلم الأنظمة لم يعد حكرا على الأنظمة العربية. الإحصائيات تقول إن عدد المنتحرين في الشركة الفرنسية “فرانس تيليكوم” بلغ السنة الماضية 25 ضحية، ومثلها أو أكثر في السنتين السابقتين، أما بوعزيزي فرنسا فكان رابع ضحية تسقط أمام مظالم الإجراءات الاقتصادية لدولتك هذه السنة. فعد إلى بيتك سيد ساركو، وابحث أسباب المآسي التي جعلت فرنسيا يعيش تحت عز دولتك يضرم النار في جسمه ويرسل صرخته إلى كل العالم وكأنه يقول، “يا من تدعي الدفاع عن الشعب الليبي وتدعي دعم بناء الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، ها هي العدالة والعدالة الاجتماعية مغيبتان في بلدك وبين مواطنيك، فلماذا لا تهب لنجدة شعبك، أليس المثل الفرنسي يقول “لا صدقة جائزة إلا إذا بدأ صاحبها بنفسه”، ولكي تفهمها سأكتبها بلسان قومك Charité bien ordonnée commence par soit même أليس الفرنسيون أولى بالأموال التي ينفقها جيشك في ليبيا، أم أنك تغطي من خلال هذه الحملة على عجزك، وعلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب الفرنسي في عهدك وتحاول أن تلهي الفرنسيين وتنسيهم في الوعود التي قطعتها على نفسك وأنت تقود حملتك الانتخابية؟ تنادي بالحق في الحرية والكرامة للشعوب العربية وتقود حملة تدمير من أجل تحقيقها، وشعبك يعاني الجوع والبطالة، وبوليسك يقمع المظاهرات بالهراوات وبالقنابل المسيلة للدموع في زنقات باريس. فقل لي في ماذا تختلف عن الزعماء العرب، سوى أنهم لم يقودوا تحالفا للإطاحة برئيس مثلك لا يتحرك ليجد حلا ويوقف مسلسل الانتحارات التي كدرت حياة الفرنسيين ولا يجندون فضائياتهم لقلب الحقائق؟ سيد ساركوزي، أنت نموذج صادق لتمثيل الزعيم العربي، كذب ونفاق ومحاولة الهروب إلى الأمام، عندما تعصف بك الأزمات، ألم تحاول أنت أيضا تماما مثلما فعل مبارك والقذافي وتفرض ابنك على رأس مجلس إدارة مؤسسة عمومية؟ أليست هذه نوايا توريث واستغلال للمنصب؟ النار في بيتك، والجبهة الاجتماعية الفرنسية لا تقل اشتعالا عن مثيلتها في الجزائر أو في تونس، فلتبحث كيف تتفادى ربيعا آخر في بلدك.