تعرف غالبية بلديات ولاية الوادي هذه الأيام حالة من الغليان الشعبي الناقم على الوضع المتردّي ونقص المرافق التنموية، وكذا التجاوزات الحاصلة بداخل المجالس البلدية المنتخبة، والتي طالب مئات المواطنين بحلّها وتعويضها بمندوبيات مؤقتة لتسيير شؤونها بعدما فقدوا الثقة من منتخبيهم الذين يعمدون، حسب المواطنين، لنهب خيرات البلاد، ضاربين عرض الحائط بمسؤولياتهم التي نصبوا من أجلها في مراكزهم، وهي تلبية احتياجات المواطنين وخدمتهم دفع الوضع المتعفن الذي تشهده عدد من المجالس البلدية في ولاية الوادي بمئات الشباب الغاضب إلى الخروج للشارع والتعبير عن رفضهم لسياسة تسيير المجالس المنتخبة للملفات التنموية الحساسة، على غرار التشغيل والفلاحة والريّ والسكن، وهو الأمر الذي دفع بهؤلاء الشباب إلى محاصرة مقرات عدد من البلديات وغلق مداخلها بالسلاسل الحديدية ومنع العمال من الدخول لإرغام رؤساء البلديات على الاستقالة ومطالبة السلطات الولائية بفتح تحقيق في تجاوزات وفضائح المجالس المنتخبة. هذه الاحتجاجات الغاضبة شملت 12 بلدية من أصل 30 بلدية بولاية الوادي وهي العقلة، النخلة، البياضة وبلدية الوادي، الحمراية، سطيل، الرقيبة، دوار الماء، حاسي خليفة، سيدي عون، المرارة وقمار، وهذا في احتجاجات عفوية عبّر فيها المحتجون عن رفضهم لسياسة التهميش التنموي التي يتبعها عدد من رؤساء البلديات الذين حملوهم المسؤولية الكاملة عن فشل المشاريع التنموية وتقهقر الوضع الاجتماعي للمواطنين. بلدية عاصمة الولاية الوادي عاشت أكبر الاحتجاجات وأعنفها نتيجة الطريقة التي انتهجها السكان للتعبير عن سخطهم لتردي الوضع التنموي ونقص المرافق التنموية والتهميش الفظيع لاحتياجاتهم، حيث خرج المئات من شباب أحياء أولاد تواتي، المنظر الجميل، القطوطة، الشهداء، الصحن الأول، القواطنين وكذا أولاد احمد، وقاموا بنصب خيمة وسط الطريق، مانعين حركة المرور لعدة أيام. وفي بلدية العقلة جنوبا وقف العشرات من الشباب أمام مقر البلدية، احتجاجا، حسب ما قالوا، على التلاعبات الحاصلة في توزيع المحيطات الفلاحية وعقود الإدماج الموجهة لشباب العقلة، مطالبين السلطات الولائية بإيفاد لجنة تحقيق في ملف الفلاحة والتشغيل على مستوى بلدية العقلة، مشيرين إلى عمليات الإقصاء والمنح غير العادلة في المحيطات الفلاحية التي حرم منها عشرات الشباب البطال، الأمر الذي أدى إلى قطع جميع الطرق المؤدية الى البلدية بإضرام النار في العجلات المطاطية. الأسباب ذاتها دفعت بعشرات الشباب في بلدية النخلة اللصيقة بالعقلة الى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر البلدية رفعوا خلالها جملة من المطالب للسلطات المعنية، مبدين غضبهم من الطريقة غير العادلة والتلاعب الذي حصل، حسبهم، في عملية توزيع الأراضي الفلاحية بمحيط المصالحة الوطنية. كما عاشت بلدية البياضة بالجهة الجنوبية ذات الوضع، حيث احتج العشرات من سكان حي السلام الغربي ببلدية البياضة، مطالبين السلطات الوصية بضرورة التدخل العاجل لحل جملة المشاكل التي يعانون منها منذ مدة، يأتي في مقدمتها النقص الحاد في التموين بالماء الشروب وضعف التيار الكهربائي، ناهيك عن مشكل تأخر استفادتهم من قرارات الملكية الخاصة للأراضي. وفي الجهة الشرقية من الولاية، إحتج سكان بلدية الرقيبة على جملة من النقائص التنموية، منها التذبذب في التيار الكهربائي وانعدام التهيئة الحضرية، حيث طالب المحتجون في هذه الوقفة الاحتجاجية بضرورة إلغاء قائمة المستفيدين من المحيط الفلاحي الذي وزع مؤخرا، والذي وصفوه بالتوزيع غير الشرعي، وهو الأمر الذي دفع برئيس دائرة الرقيبة للتنقل إلى المحتجين بأمر من الوالي، حيث استمع لانشغالاتهم وطمأنهم بإيجاد الحلول في أقرب وقت ممكن. وفي ذات السياق، نظم سكان قرية العبايدة ببلدية حاسي خليفة وقفة احتجاجية أمام مقر البلدية، مجددين مطالبهم بضرورة تحسين خدمات الكهرباء الريفية التي تشهد، حسبهم، تذبذبا وضعفا في شدة التيار، كما شهدت جل البلديات المتبقية كالحمراية، سطيل، قمار، دوار الماء، سيدي عون، احتجاجات مماثلة ولذات المطالب تقريبا المنحصرة في 4 ملفات تنموية وهي إلغاء المداولات الرسمية حول منح العقار الفلاحي، التوظيف غير القانوني لعدد من الشباب في مناصب التشغيل المختلفة، نقص المرافق التنموية خاصة في السكن والماء الشروب، وفي جميع هذه الاحتجاجات قام الشباب بغلق البلديات ومنع العمال من دخولها إلى غاية حلّ مشاكلهم والنظر فيها. ولاية الوادي تباشر عددا من الاجتماعات لاحتواء الوضع ولمحاصرة موجة الاحتجاجات المتصاعدة والحيلولة دون اتحادها، باشر الأمين العام لولاية الوادي سلسلة لقاءات عاجلة مع مسؤولي الأجهزة التنفيذية، وبمشاركة عدد من الشباب المحتج بغرض احتواء موجة الحركات الاحتجاجية المحلية على المشاكل التنموية التي عرفتها المنطقة، كما تهدف هذه اللقاءات أيضا إلى احتواء الوضع وإيجاد حلول عاجلة. وفي هذا الصدد عقد الأمين العام للولاية جلسات عمل جمعته بعدد من الإطارات الشبانية الجامعية التي احتجت أمام وكالة التشغيل للمطالبة بحقهم في العمل وفيها أرغم الأمين العام للولاية مدير التشغيل على التكفل بملف تشغيل الشباب البطال وتمديد عقود الإدماج لسنة ثالثة لكل الذين أكملوا سنتين دون شروط، كما أجتمع الأمين العام للولاية بمجموعة من شباب محتج ممثلين عن البلديات الثائرة، وفيها وعدهم بالسهر على إنصافهم ومعاقبة جميع المنتخبين المتواطئين في التلاعب بأملاك وقرارات الدولة، وتطهير ملفات الفساد ومحاربة رؤوسه، حيث في محاورته لشباب المنطقة أقنع شريحة واسعة منهم لكونه عبّر لهم صراحة أنه شاب ويحمل نفس همومهم ولديه حماسة كبيرة لنصرة مطالبهم ومدّهم بالمشاريع التي من شأنها إخراجهم من نفق التهميش التنموي الذي يتخبطون فيه، كما تنقل ذات المسؤول لعدّة بلديات بعيدة لمحاورة الشباب والاستماع لانشغالاتهم وامتصاص غضبهم. الاحتجاجات الغاضبة في بلديات الولاية كانت بارزة للعيان في دورة المجلس الشعبي الولائي المنعقدة نهاية الأسبوع المنصرم، والتي لوحظ فيها الغياب الكلي تقريبا لرؤساء بلديات الولاية الذين تفرغوا ربما لاحتواء موجة الغضب الشباني المتصاعدة في بلدياتهم رغم كون الدورة العادية الأولى لسنة 2011 ناقشت ملفات في غاية الأهمية كملف انقطاع التيار الكهربائي وملف تدهور الوضع الصحي في بلديات الولاية، وأيضا مخططي المرور والنقل، إضافة إلى ملف نهب العقار، حيث عرفت نقاشا حادا بين أعضائه حول الوضع المتردي المسجل في الملفات المطروحة في الدورة.