ولدت الشاعرة الفرنسية إديت عزام في بداية السبعينات، تابعت دراستها في الآداب المعاصرة وعلوم التربية، عملت في التعليم وتخلت عنه سريعا للتفرغ للكتابة، تشارك دوريا في مهرجانات الشعر الأوروبية والعالمية مثل مهرجان لوديف ومهرجان ليمو صدر لها “كائن صامت”، “وشاح ناعم لعينين حريريتين”، “التمزق” وكثير من الدواوين الأخرى التي شاركت فيها مع شعراء وكتاب آخرين. التقتها “الفجر” مؤخرا وسألتها عن الشعر واللغة وعن الكتابة وأشكالها الفنية وعن الجزائر أيضا. هل هي زيارتك الأولى للجزائر؟ نعم إنها المرة الأولى وأنا سعيدة جدا... ما الذي أثار انتباهك أكثر في الجزائر؟ المدينة... مدينة الجزائر أحببتها وأثارني هذا التناقض فيها، من جهة تبنى ومن جهة أخرى تهدم، مدينة منتزعة من الزمن ولا أدري مماذا أيضا، إنها مدينة جميلة، الضوء فيها رائع والناس ودودون جدا... أنا سعيدة جدا، ما رأيته هو عكس ما كنت أحمله في رأسي وما يسوق في فرنسا من أفكار وتصورات عن المغرب العربي وإفريقيا... ( تضحك ) أنا كطفل يمسك لأول مرة بكرة... قلت عدّة مرات أنك لا تعرفين إن كان ما تكتبينه شعرا وأن ما يهمك أكثر هو الكتابة في حد ذاتها، ما هي الكتابة بالنسبة لك وكيف نشأت علاقتك بها؟ الكتابة هو شكل التعبير الذي دارت حوله كل حياتي... كنت سيئة جدا في المدرسة، لا أحسن التعبير وغريبة. باختصار، أحسست أنني إذا وددت نقل رسالة إلى الآخر فهذا يتم عن طريق اللغة، هناك تفصيل آخر وهو رغم أني كنتُ ضعيفة في المدرسة إلا أني كنت أحب سماع أستاذ اللغة الفرنسية وأستاذ التاريخ وأحب رؤيتهما، أذكر أيضا صوت جدتي وهي تحكي لي قصصا قديمة جدا ما زلت أذكر موسيقاها، لا أدري كيف تكونت عندي فكرة أن الشعراء لطفاء وطيبون، لكني وددت أن أوجد في عالم كهذا، لذا بدأت أكتب قصائد وأنا صغيرة في الثانية عشرة، كتابة هذه القصائد سمحت لي بأن أصنع موسيقى داخلية تجعل نغما ما لما أكتب... إذن سؤال الكتابة عندك أسبق وأهم من سؤال الشكل الفني لما تكتبين ؟ نعم أستطيع أن أقول... عندما نحب أحدا، أظن أنها مقارنة جميلة، نود أن نصل دائما إلى أن تحمل الكلمات الشحنة ذاتها والقدر ذاته من الحب الذي نحمله نحن. أعتقد أننا عندما نكتب عن أي شيء فهذا يتوقف تماما عن الشحنة التي نُحمِّلُها لكلماتنا، فعل الكتابة لا يتعلق بالشكل وحده أو بالعمق وحده بل بالاثنين معا، الاثنين معا كي يستوعبا ما يتحمله الإنسان من ثقل وما ينتجه من قلق يبدأ بالحياة وينتهي بالموت. في النهاية الإنسان هو ضغط كبير يحتويه هذا الجسد الصغير، للتعبير عن هذا هناك كرة القدم (تبتسم) هناك العنف وهناك خيار آخر هو استثمار اللغة أو الكتابة... القارئ لشعرك يحسّ أنك تودين تجاوز هذه اللغة ؟ اللغة بالنسبة لي هي فضاء للحرية ما دامت الكتابة هي انتزاع للمعاني من الكلمات... أما إذا استقبلتُ الكلمة بمعناها المحدد فهذا يسجنني. في النهاية أفكارنا وأحاسيسنا هي دائما أعمق مما يمكننا قوله، كما أنه صحيح أن هناك لغة واحدة هي الفرنسية أو العربية، لكن داخلها لكل منا لغته الخاصة وحساسيته الخاصة للعالم، دائما نكتب ونحس أننا على صواب وأننا كتبنا أجمل ما يمكننا أن نكتبه، لكن الآخر سيستقبله بقراءته الخاصة، هذا جميل جدا، لكن قد يمنعنا من الوصول إلى ما نود الوصول إليه