كلّلت جهود عشرات الباحثين الجزائريين إلى جانب أبناء منطقة الظهرة بمستغانم منذ عقدين بكشف جرائم الاستعمار في غار حرافيش بعد أكثر من 166 سنة ظلت فيها محرقة الظهرة مع ما انجر عنها من قتل متعمد لمئات الجزائريين في طي النسيان، ولتذكر مقولة الكولونيل الفرنسي بيليسييه الذي قال “حياة فرنسي واحد تساوي حياة جميع هؤلاء البؤساء” في إشارة إلى الجزائريين الذين قضوا في الجريمة، ما يعيد إلى الواجهة المطالب التي تدعو إلى اعتراف فرنسا بجرائمها ضد الإنسانية في الجزائر. احتضنت جامعة مستغانم، أول أمس الإثنين، يوما دراسيا بحضور أساتذة وباحثين من ولايتي وهرانومستغانم أميط من خلاله اللثام عن جريمة راح ضحيتها أكثر من 1200 جزائري من رجال ونساء وأطفال احتموا في مغارة غار حرافيش بمنطقة أولاد رياح ببلدية نقمارية شرق ولاية مستغانم من بطش الجيش الفرنسي الذي قام بإحراقهم جميعا بسبب رفضهم الاستسلام وعزمهم على التشبث بالحياة في كنف الحرية وهذا في صيف سنة 1845 قبل قرن تقريبا من جريمة 8 ماي 1945، حيث أشار الباحث بورحلة إلى علاقة القائد بومعزة في تعبئة الجماهير لنصرة ثورة الأمير عبد القادر في منطقة الظهرة تحديدا، ما أدى إلى تضاعف بطش الجيش الفرنسي الذي أرغم السكان إلى النزوح في المغارات المعروفة كغار حرافيش، حيث قام الكولونيل بيليسييه بتنفيذ أوامر الجنرال بيجو بحرقهم جميعا بعد سد جميع المنافذ ما أدى إلى وفاة ما بين 1200 و1500 جزائري إما حرقا أو اختناقا برفقة حيواناتهم وأمتعتهم. وأضاف أن عمليات القتل والتنكيل كانت مبرمجة بأوامر فوقية ما أثر بشكل كبير على النمو الديمغرافي للجزائريين الذين فقدوا 20 بالمئة منهم سنة 1845 فيما بقي عدد السكان الإجمالي في حدود 3 ملايين لمدة 40 سنة متتالية حتى سنة 1872م؛ بينما أشار الأستاذ بهلول إلى أن 90 بالمئة من تاريخ الجزائر مكتوب بأقلام غير الجزائريين، وألح على البعد الخاص بالتمييز العنصري أثناء الفترة الإستعمارية. وقد لفت انتباه الحضور تدخل مواطن من أبناء المنطقة التي شهدت الفاجعة والذي أشار إلى ضرورة منع المواطنين من دخول المغارة بصفة عفوية حتى لا تداس رفات مئات الجزائريين المطمورة في الداخل. وقد خرج اليوم الدراسي بدعوة جميع الباحثين أو المواطنين إلى تقديم الوثائق التاريخية التي بحوزتهم لتساعد في كشف خيوط الجرائم الإستعمارية كما تم الكشف عن موقع إلكتروني جديد خاص بمحرقة الظهرة.