إذا كان الكثير منا يعشق شواطئ البحر في فصل الصيف، فهناك أيضا من يريد الهروب من زحمتها، من خلال اختيار الغابات أو أعالي الجبال ملجأ لقضاء عطلهم، وهو ما رأيناه في منطقة تيكجدة "أكثر من 1400 م عن سطح البحر" الواقعة بأعالي ولاية البويرة، والتي تميزها جبالها الشامخة وأشجار السدر الخضراء الجميلة. إلا أن زائرها في غير فصل الشتاء، سيتحسّر حتما على حالتها في فصل الصيف أو الخريف، حيث تكاد تنعدم حركة الزوار أو السيّاح، وهو أصلا ما اكتشفناه في جولتنا القصيرة إلى هذا المعلم السياحي الرائع، لأن افتقاده لأدنى شروط السياحة، جعل السيّاح يفرون إلى مناطق أخرى في الداخل أو الخارج، وهي الفكرة التي يجب تفهمها السلطات وعلى رأسها القائمين على السياحة، خصوصا وأن الدولة تحركت في المدة الأخيرة وطالبت بإعادة تهيئة كل منطقة لها علاقة بالتاريخ والسياحة، لإعادة إحيائها مجددا بعدما غابت في السنوات الماضية، ما أدى إلى هروب الجزائريين نحو البلدان المجاورة لقضاء عطلهم. "اكتساح وزارة الشباب والرياضة لمجال الفندقة محل استياء الخواص" اقتربت "الفجر" من أحد ملاّك فندق صغير بمنطقة تيكجدة يدعى "الدا مولود"، أو بالأحرى المالك الخاص الوحيد في المنطقة، فوجدناه في غاية الحزن، وهو جالس بقاعة المطعم التابعة للفندق، دون عثورنا على أي زائر، وهو ما جعله يفتح لنا قلبه، وروى لنا رواية تيكجدة، وسبب غياب السيّاح عنها، قائلا "كيف للزائر أن يأتي إلى تيكجدة في ظل افتقادها للفنادق والمرافق التي توفر له المتعة والرفاهية"، مضيفا بأن امتلاك وزارة الشباب لجميع المنشآت الفندقية بتيكجدة أحد هذه الأسباب أو أبرزها، معربا بأنه ومنذ عام 2009 أي بعد أن تحول الفندق الوحيد في تيكجدة إلى ملكية للوزارة ذاتها، إلى جانب المركز الوطني للرياضة والتسلية، الذي تم تدشينه أيضا من قبل ذات الوزارة، إضافة إلى "شالييه دو كاف" الذي أعيد ترميمه وضمّه إلى ممتلكات ذات الوزارة. "الدا مولود" وأمثاله يدعون سلطات الولاية إلى فتح باب الاستثمار أمامهم ناشد "الدا مولود" السلطات بفتح المجال للمستثمرين الخواص ومنحهم الاعتماد للاستثمار في مجال السياحة، على أمل إعادة الحياة لهذه المنطقة السياحية الباهية بجبالها وتضاريسها، التي تقدم البهجة لناظرها، بعيدا عن زحمة الشواطئ ودخان السيارات في المدن، ف"الدا مولود" واحد من هؤلاء الذين يدعون بمنح الاعتماد للمستثمرين في السياحة، لإنشاء فنادق وبناء مرافق لاستقطاب السياح سواء من الجزائريين أو من الأجانب، فمثلا هو يملك فندقا تم إنشاؤه عام 1977، حيث كان محلا لإقبال الكثير من الأجانب، قبل أن يغلق أبوابه في العشرية السوداء، بسبب الإرهاب، وبالضبط منذ سنة 1994 وإلى غاية 2002. لكن محدثنا أكد أن الاختلاف كبير، والحل بات بين أيدي السلطات، إذا أراد إعادة الحياة لهذه المنطقة السياحية الهامة في الجزائر. ملعب بقيمة 13 مليار أصبح مسرحا للأبقار أمر آخر نريد أن نقف عنده أيضا، ويتعلق بملعب منطقة "أسوال" التابعة لولاية تيزي وزو إقليميا، انطلقت فيه الأشغال منذ عام 2002، كمشروع أطلقته آنذاك اللجنة الأولمبية الجزائرية برئاسة الرئيس السابق مصطفى براف، وقدرت الأموال التي صرفت لأجل إنجازه ب13 مليار سنتيم. هذا الملعب الذي أصبح مهمشا، رغم امتلاكه لمضمار من نوعية رفيعة، أصبح مسرحا للأبقار وليس للرياضيين، حتى إن الوالي بوقرة اعتبر أن هذا الملعب هو نقطة سوداء، حيث لا يمكن استغلاله سوى خلال أربعة أشهر في السنة، بسبب الثلوج في فصل الشتاء، لأنها تقطع الطريق أمام الرياضيين، وهو ما جعلهم يغيرون وجهتهم نحو مناطق أخرى للتحضير خارج الوطن. وللتوضيح، فإن حالة الملعب كارثية تحول دون إجراء أي تحضيرات بالنسبة لرياضيينا. تيكجدة، تالة رانة وحمام كسانة مناطق سياحية ستبعث مستقبلا والي البويرة لم يخف ما قاله "الدا مولود" وما شاهدناه نحن أيضا، ففي سؤالنا عن غياب الإنارة العمومية وأشياء أخرى كثيرة عن منطقة تيكجدة الجبلية، رد الرجل الأول في الولاية قائلا "حقيقة لا توجد سياحة بالبويرة، وإنما نسعى لخلقها، فالبويرة بها عدة مناطق سياحية، نحن في بداية دراستها، ونأمل أن نصل إلى نتيجة مستقبلا"، قائلا في ما يتعلق بتيكجدة: "نعم ندرك أن هذه المنطقة الجميلة التي تجلب السيّاح في فصل الشتاء، تحتاج إلى عناية خاصة، لإحياء طابعها السياحي في كل الأوقات"، كما أضاف السيد بوقرة "هناك مشاريع يتم دراستها لبعث السياحة كمنطقة "تالة رانة" بأعالي جرجرة، و"حمام كسانة" بالهاشمية".