يقول المعتوهون سياسيا عندنا: لابد من أن تبادر الجزائر لإصلاح علاقاتها مع المجلس الانتقالي في ليبيا! ولا يقولون: على المجلس الانتقالي أن يبادر بإصلاح علاقاته مع الجزائر! كيف نطلب من دولة أن تبادر بإصلاح حالها مع مشروع دولة وليس العكس؟! اللهم إلا إذا كانت هذه الدولة حالها أسوأ من مشروع الدولة هذه!؟ نعم لقد استقوى المجلس الانتقالي بسركوزي على القذافي وأطاح به وهذا شأنه.. وينبغي أن يبقى هذا شأنا داخليا لا دخل للجزائر وغير الجزائر به! لكن ما لا يبنغي أن يكون مقبولا أبدا هو أن يستقوي أمثال الشمام وعبد الجليل وغيرهم بسركوزي وقطر والجزيرة والعربية على الجزائر.. ففي هذه الحالة لا أعتقد أن يكون هناك أي جزائري يقف مع هؤلاء ضد حكومة الجزائر على تعاستها وبؤسها؟! لقد كدت أن أخنق روحي وأنا أسمع شخصا مثل "شمام بعره" يحذر الجزائر من مغبة استقبال القذافي على أراضيها! ويقول: إن له معلومات استخباراتية تقول بأن القذافي يتواجد على الحدود الجزائرية! ولكنه لم يقل لنا من أعطاه هذه المعلومات هل (D.S.T) أم (C.I.A)؟! ومتى كانت الجزائر تأخذ رأي أمثال الشمام في ممارسة سيادتها على حدودها وعلى أراضيها؟! أنا شخصيا أرفض أن يدنس القذافي وعصابته تراب الجزائر.. لكن أرفض أن يكون ذلك بأوامر من الشمام وجماعته! أن يضع (ثوار) ليبيا بلدهم منذ البداية تحت الوصاية الدولية فهذا شأنهم.. لكن أن يحاول هؤلاء تصدير ذلك إلى جيرانهم فلن يكون مقبولا أبدا! فنحن في الجزائر قتلنا من بعضنا البعض 200 ألف ضحية ولم يجرؤ أي واحد منا على طلب استقواء بالخارج على الآخر.. فكيف نقبل أن يستقوي علينا (ثوار) ليبيا بسركوزي أو غير سركوزي؟! وهذه ليست عنتريات.. بل لأننا لم نشبع بعد من الاستقلال والسيادة؟! أعرف أن وزير خارجية الجزائر افتعل "سبة" اجتماع لجنة المتابعة العربية لينتقل إلى الدوحة لإسماع أمير قطر ما ينبغي أن يسمعه بخصوص التحرش الذي تتعرض له الجزائر في ليبيا.. لكن كنت أفضل أن يناقش وزير خارجية الجزائر هذا الأمر مع السيد الجديد لطرابلس وهو سركوزي وليس أمير قطر الذي هو أيضا مجرد مفعول به! لكن لجوء الجزائر إلى هذه الأساليب الديبلوماسية المتخلفة هو الذي جعل البلاد لا تحترم من طرف هؤلاء! وتحرق سفارتها في طرابلس دون خوف أو خجل من الفاعلين! وقد كانت مصالحها في أتون الحروب لا تمس! وأتذكر أنني في جوان 1982 عندما اجتاح الإسرائيليون بيروت عبرت أحد الحواجز الإسرائيلية في جبل لبنان بسيارة ديبلوماسية جزائرية ولم تمس بسوء.. كما لم تمس السفارة في بيروت بسوء! فهل عداوة (الثوار) في ليبيا للجزائر أكبر من عداوة إسرائيل للجزائر؟! وهل الجزائر أساءت للثوار أكثر مما أساءت لإسرائيل؟! ما أعيبه شخصيا على الجزائر هو أنها لم تقم بواجبها نحو ليبيا قبل سركوزي وأمير قطر.. وتركت (ثوار) آخر الزمان والقذافي يفعلون بليبيا ما فعلوا ويسلمونها لسركوزي؟!