استفهامات عديدة تطرح نفسها وتشغل بال متتبعي بطولتنا الوطنية التي تدرك سنتها الثانية منذ ولوجها عالم الاحتراف، إن كانت ستدرك هذا الأمر شكلا ومضمونا أم أن الأمر سيتوقف عند حدود التسمية لا غير؟ الانحراف أقوى من الاحتراف لا يختلف اثنان حول أن الموسم الاحترافي الأول للبطولة الجزائرية كان مخيبا لكل الآمال، حيث المستوى بقي رديئا إن لم نقل ازداد سوءاً وكذلك تواصل سوء البرمجة وكل المظاهر السلبية تفاقمت مما يجعلنا نجزم بأن الانحراف كان أقوى من الاحتراف، على أمل إصلاح الوضع ونحن في بداية موسم جديد... بداية تحت التهديدات بالتأجيل لم يتمكن رؤساء أندية الرابطة المحترفة الأولى خلال اجتماعهم بمكتب الرابطة المحترفة برئاسة محفوظ قرباج من تنفيذ مخططهم القاضي بالضغط على رئيس الفاف محمد روراوة بغرض حمله على تغيير موعد انطلاق بطولة الموسم الجديد (2011 / 2012) المتفق عليه من قبل، أي يوم 9 سبتمبر الجاري بالنسبة للرابطة المحترفة الثانية، و10 سبتمبر بالنسبة للرابطة الأولى. وحسب مصدر موثوق من داخل الرابطة المحترفة، فإنه لا الطلبات الكتابية التي تقدم بها جل رؤساء الرابطة الأولى والتي ضمنوها أسباب طلبهم تأخير موعد انطلاق البطولة، وفي مقدمتها نقص فترة التحضيرات التي تزامنت وشهر الصيام، ولا حتى تهديدات رئيس شبيبة القبائل الشريف حناشي بمقاطعة مباراة التدشين التي لعبت أول أمس بين الشبيبة ومولودية العاصمة، بحجة عدم وجود أي بند في القوانين العامة للفيدرالية ينص على إجبار الفرق على تقديم مقابلة من مقابلات الجولة الأولى، ولا حتى التحالفات ومناورات الكواليس دفعت برئيس الفاف إلى تغيير موقفه، بل على العكس من ذلك فإن تلك المخططات لم تزده إلا إصرارا على رفض طلب التأجيل، ليجبر حناشي على لعب المباراة الأولى في موعدها فيما ستجبر بقية الفرق على أن تكون في الموعد بعد غد السبت وهو ما يكشف أن كل التهديدات كانت مجرد كلام وفرقعة إعلامية لا أكثر. منافسة محترفة في ملاعب ”هاوية” الاحتراف يصعب تطبيقه في الجزائر لتخلف الذهنيات وأيضا لعدم جاهزية المنشآت، فأغلب ملاعب أندية القسم الأول على سبيل الذكر لا تصلح لمنافسة محترفة لأندية الدرجة الأولى، وإن كانت اللجنة المختصة بتأهيل الملاعب على مستوى الرابطة قد تركت الوضع كما هو، أي مواصلة اللعب في ملاعب حالة أرضياتها ”كارثية” كعابد حمداني بالخروب، 1 نوفمبر بالحراش، 20 أوت بالعناصر... وما يؤكد أن المستوى ما يزال بعيدا هو اقتصار تواجد العشب الطبيعي في ملاعب قسنطينة، باتنة، العلمة وسعيدة فقط أما البقية فلعنة الطارطون ستكون هي المسيطرة وهذا أمر يزيد من تقليص نجاح احتراف بطولة الجزائر. الأصناف الدنيا في آخر الاهتمامات ما يثير الغرابة هو أن الأندية المحترفة تكلف نفسها أكثر مما في وسعها لتوفير عوامل النجاح لصنف الأكابر أما بقية الأصناف فيتم النظر إليها بالعين الضريرة لا البصيرة، وهذا التخلف الاستراتيجي من شأنه أن يعرقل مسعى الفاف في إدراك الاحتراف بكل ما تحمله الكلمة من معان. بقاء نفس المعطيات يعني حصد نفس النتائج إذا كانت المعطيات لم تتغير في بطولتنا فكيف لنا أن نأمل أن تتغير النتائج أو المستوى نحو الإيجابي، فالأندية لا تزال تتخبط في مشاكل لا حصر لها بسبب محاصرتها من قبل الدخلاء على الوسط الكروي، فالذهنيات المتخلفة هي السبب الأول للعنة التي تنخر جسد كرتنا وافتقار الهياكل الرياضية والملاعب ”المحترفة” كان بمثابة الملح فوق كل هذه الجراح وهذا ما قد يجعل الموسم الجديد دون جديد.