قتل 24 شخصا على الأقل بينهم مدنيون وجنود من الجيش ومتمردون في اشتباكات دامية بين مختلف أطراف الصراع في اليمن وذلك في أعقاب الإعلان عن آخر وعود الرئيس اليمني عبد الله صالح بالاستقالة. وقعت تلك الاشتباكات في العاصمة اليمنية صنعاء وفي تعز بعد ساعات من تعهد على عبد الله صالح للسفير الأمريكي في صنعاء بأنه سيوقع المبادرة الخليجية لنقل السلطة والتي تتضمن تخليه عن السلطة في غضون 30 يوما من التوقيع عليها.واندلعت أحداث العنف عندما عجزت أطراف الصراع عن تحقيق الهدنة بين القوات الحكومية واللواء المنشق، علي محسن الأحمر، وكانت تقضي بوقف إطلاق النار والإفراج عن المختطفين خلال الاحتجاجات التي تشهدها اليمن. وكان الاتفاق على تلك الهدنة قد تم بوساطة لجنة محلية يرأسها عبد ربه منصور هادي، نائب الرئيس، وكان مقررا أن تبدأ أمس. لكن اشتباكات عنيفة وقعت بين القوات الموالية للنظام والقوات المنضمة للمحتجين في الشوارع المحيطة بساحة التغيير بصنعاء، كما تعرض معسكر الفرقة المدرعة الأولى لقصف مدفعي وصاروخي مكثف بعد هذا التوقيت. كما ذكرت مصادر طبية أن من بين قتلى الاشتباكات في تعز امرأة وطفلها الرضيع وأنهما قتلا عندما أصيب منزل الأسرة بقذيفة من القوات الحكومية التي قصفت المدينة. وفي صنعاء قتل 7 على الأقل من أنصار الشيخ صادق الأحمر، زعيم المعارضة ضد الحكومة في الاشتباكات التي وقعت في حي الحسابة، وهي معقل الأحمر وأسرته. كما أعلنت وزارة الدفاع اليمنية في موقعها على شبكة الإنترنت أن تسعة من جنود الجيش اليمني الذين اشتبكوا مع قوات الأحمر والقوات الموالية للواء المنشق على محسن الأحمر قد قتلوا كذلك في المعارك.كذلك، اتهمت قيادة القوات المنشقة السلطات باستقدام طيارين سوريين لضرب المناطق الآهلة بالسكان في عدة مدن يمنية. من جهة أخرى، تجمعت عشرات الآلاف من النساء اليمنيات في ميدان الستين بالعاصمة صنعاء آتيات من كافة محافظات البلاد وقمن بإحراق أغطية رؤوسهن في احتجاج على ما وصفنه بجرائم القتل المنظمة التي يمارسها النظام في حقهن. وقد بات الصراع اليمني الآن هو الأطول في ما يعرف ب "الربيع العربي"، فعلى مدى تسعة أشهر يصر الرئيس عبد الله صالح على التمسك بالسلطة ورفض الانصياع لقطاعات واسعة من الشعب اليمني والضغوط الدولية التي تطالبه بالتنحي عن السلطة، كما رفض مرات عديدة التوقيع على المبادرة الخليجية التي تمثل حتى الآن الحل الوحيد فيما يبدو لحل الصراع الدامي في اليمن. وتحولت المظاهرات المتواصلة لأشهر ضد حكم الرئيس صالح، الذي يحكم البلاد منذ 33 عاما، إلى حرب شوارع خلال الشهر الماضي. وقد أدى ذلك الصراع إلى شلل شبه تام في الأوضاع الاقتصادية في اليمن، وأضعف الحكومة المركزية التي فقدت سيطرتها على عديد من المناطق لصالح تنظيمات انفصالية أو متشددة، فضلا عن التشجيع على تمرد أعداد لا يستهان بها من جنود الجيش أو انشقاقهم والانضمام إلى صفوف المعارضة المسلحة. وكان أبرز مثال على ذلك هو انشقاق كل من صادق الأحمر واللواء على محسن الأحمر وتحولهما إلى صفوف المعارضة الشعبية المسلحة بعد أن كانا من أنصار على عبد الله صالح. وتخشى الولاياتالمتحدة والسعودية المجاورة من أن يؤدي الاضطراب السياسي في اليمن إلى إتاحة الفرصة أمام تنظيم القاعدة للقيام بالمزيد من العمليات في المنطقة. في هذه الأثناء، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن صالح هاتف السفير الأمريكي غيرالد فيرستين ليطلعه على وقف إطلاق النار وعن نيته في توقيع المبادرة الخليجية. وأعربت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية عن تفاؤلها حيال تلك الخطوات. ونقلت وكالة رويترز عن نولاند قولها "نعتبر هذا الأمر خطوة جيدة" في إشارة إلى وقف إطلاق النار وموقف صالح من المبادرة الخليجية. وأضافت "وهكذا يمكن أن نضع الشروط لمناقشات بشأن مستقبل العلاقات الدبلوماسية مع اليمن".