عاد الحديث بقوة عن مستقبل التيار الإسلامي في الجزائر، بعد نجاح حزب النهضة التونسي في الانتخابات وحديث مصطفى عبد الجليل عن تطبيق الشريعة الإسلامية في ليبيا، ما فتح شهية الأحزاب الإسلامية في الجزائر على السلطة، التي تراهن على الثورات العربية، وعاد الحلم ليدغدغ خيالات من وجدوا أنفسهم رهن بقايا تركة حزب الفيس المحل والمخضبة بدماء الجزائريين، واكتشفوا أنهم أضحوا قاب قوسين أو أدنى من الظفر بزمام أمور بلد بحجم الجزائر. حديث أجّجه استقبال ممثلي الدبلوماسية الفرنسية والأمريكية، الأسبوع الماضي للشيخ عبد الله جاب الله، ومنحه ضمانات بدعم الإسلاميين في الوصول للسلطة لو نجحوا في الانتخابات، معطيات إقليمية جعلت إسلاميينا السياسيين يجاهرون بحقهم في اعتلاء سدّة الحكم، ما أثار مخاوف الجزائريين من تكرار الصدام بين السلطة والإسلاميين، خاصة وأن سنوات الدم، التي خلّفها توقيف المسار الانتخابي في الجزائر بداية التسعينيات عالقة بالأذهان. ما يطرح السؤال فعليا حول حظوظ الإسلاميين في الوصول للسلطة في الجزائر؟ الإصلاح الوطني: حظوظ الإسلاميين كبيرة أكد القيادي في حركة الإصلاح الوطني، جهيد يونسي، أن حظوظ الإسلاميين في الوصول إلى السلطة كبيرة جدا، خاصة وأن نظرة الغرب للإسلام تغيّرت، وأصبح يراهن على الجناح المعتدل. بعد نجاح تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا، الغرب اقتنع أن التهويل والتخويف من التيار الإسلامي غير مؤسّس"، مضيفا أن لقاء السفيرين بالشيخ جاب الله، لا يدخل في إطار دعم الغرب للتيار الإسلامي في الجزائر، لأنه في البلدان العربية والإسلامية تتواجد التيارات المعتدلة، والشيخ من منظور الغرب لا يمثل الاعتدال إنما التيار الراديكالي. واتهم المرشح لرئاسيات 2009، حزبي الأرندي والآفلان بالترويج لاستنفاد التيار الإسلامي الجزائري كامل حظوظه للوصول إلى السلطة في الجزائر يخدم موقعهما وخلق رأي عام يستجيب لطموحاتهما السياسية. وأكد جهيد يونسي أن التيار الإسلامي في الجزائر "ضحية الممارسات الدكتاتورية للنظام الجزائري منذ زمن طويل"، ما أثّر على موقع الأحزاب السياسية في الجزائر. مضيفا أن المعيار الوحيد لمعرفة أحجام الأحزاب السياسية هو تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة. جبهة التحرير الوطني: الانتخابات النزيهة لن تمنح الفوز للإسلاميين أفاد المكلف بالعلاقات الخارجية والتعاون والجالية في المجلس الشعبي الوطني، عبد الحميد سي عفيف، أن الجزائر ذاهبة إلى انتخابات شفافة ونزيهة. وحتى وإن احترمت الأحزاب الإسلامية في الجزائر قواعد اللعبة السياسية لن تفوز في الانتخابات وتنزع الفوز من حزب جبهة التحرير الوطني، لأن برنامج الآفلان يلمّ بانشغالات جميع الجزائريين، ويمد جسور التواصل مع التيار الديمقراطي الوطني والتيار الديمقراطي الإسلامي. وبخصوص دعم الغرب للإسلاميين في الجزائر بعد استقبال الشيخ جاب الله، أكد قيادي الآفلان أن للغرب تصور جديد حول التعامل مع التيار الإسلامي "الغرب يعتقد أن الإسلاميين سيضمنون له الاستقرار ويعملون معه بأريحية أكبر"، مضيفا أن هناك نوايا وخلفية لم يعلن عنها بعد، خاصة وأنه يمكنهم التحكم في التيار الإسلامي وإضعافه عكس الآفلان. وقال سي عفيف إن لقاء السفيرين بالشيخ لا علاقة له بدعم الغرب للتيار الإسلامي للوصول للسلطة في الجزائر، بل يدخل في إطار التعارف بين سفراء الدول الأجانب والشخصيات الوطنية في الجزائر، خاصة وأن للشيخ تجربة سياسية طويلة. مضيفا أن قبل لقائه، نظمت لقاء مع الأحزاب الفاعلة وفي مقدمتها جبهة التحرير الوطني كما نظمت لقاءً قبل أسبوعين مع رئيس حركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني. حمس : الإسلاميون سيكونون أكثر حضورا مستقبلا وتوقّعت حركة حمس أن يحظى الإسلاميون مستقبلا بحضور قوي، خاصة إذا عرفت حركاتهم كيف تستثمر في فوز حركة النهضة التي أثبت نجاحها وقوتها، مرجحة أن تكون نتائجها إيجابية خلال الانتخابات المقبلة. وأوضحت أن الحركات الإسلامية المعتدلة أظهرت نجاعتها في إثبات نفسها، خاصة مع اعتمادها سياسة الانفتاح على المجتمع والخطاب الواضح والمعتدل لكل شرائح المجتمع، واقتراح برامج حقيقية بعيدا عن الشعارات الجوفاء، والاعتماد على الكفاءات الذي يعطيها مزيدا من المصداقية، وأن التحدث باسم النُّخب لن يعمر طويلا. واعتبرت أن الأحزاب الإسلامية كانت بحاجة إلى هذه الدفعة للتطلّع أكثر نحو السلطة، خاصة وأن هذه الأحزاب ستكون امتدادا طبيعيا لما حقّقته نظيرتها في تونس، خاصة وأن هوية الأمة الإسلامية غير قابلة للمزايدات. الأرندي: نحن مع التيار الإسلامي المعتدل أعرب التجمع الوطني الديمقراطي عن تضامنه مع التيار الإسلامي المعتدل والذي يناضل من أجل مصلحة البلاد، لكنه لن يسمح لمن خرّب البلاد في الماضي القريب للعودة مجددا. وأشار إلى أن هذا التيار الذي يستفيد من الحراك السياسي في دول الجوار لن يخيفه كما لن تخيفه مجمل الأحزاب التي في طريقها إلى الاعتماد، والمهم بالنسبة للجميع أن يكون الهدف من هذا الاختلاف هو النضال من أجل مصلحة البلاد. فاطمة الزهراء حمادي / حسيبة بولجنت