روى لي أحد الأصدقاء المنتمين إلى حزب سياسي جزائري علماني أن بعض زملائه من الحزب كان في كل اجتماع يصر على ضرورة تدعيم تنظيمهم بالطلائع الثورية والقواعد الشعبية وكان اقتراحه هذا يؤخذ مأخذ الجد بل ويقابل بالترحاب والاستحسان من طرف القيادة التي ترى في كلامه حرصا على توسيع قواعد الحزب وسعيا إلى انتشاره بين المواطنين. لكن صاحبنا كان يطلق دعوته هذه بخبث ومن باب التندر ليس إلا.. فعبارة الطلائع الثورية أو القواعد الشعبية كانت تحيل إلى أمور أخرى غير مدلولها الحقيقي.. إذ أنه في زمن المظاهرات الكثيرة التي شهدتها الجزائر مطلع التسعينيات من القرن الماضي كان صاحبنا يحرص على حضورها وتأطيرها وغالبا ما كان يحضرها وهو شارب لبعض ما يذهب العقل فكان كلما مرت بالقرب منه مناضلة ذات صدر ثائر إلا ومازحها قائلا أهلا بالطلائع الثورية وإذا مرت بقربة مناضلة بدينة قال لها مرحبا بالقواعد الشعبية... تذكرت هذا المناضل الصديق وحزبه العلماني هذه الأيام وأنا أرى التهافت والتهافت المضاد حول اصطياد الأصوات النسوية ليس للانتخاب لصالح هذا الحزب أو ذاك ولكن من أجل ترشيحها للانتخابات التشريعية القادمة. لدى بعض التشكيلات السياسية المستوى الفكري هو آخر ما يشترط لترشح المترشحات أما السمعة الطيبة لهذه المترشحة أو تلك فلا تؤخذ بعين الاعتبار... المهم أن السباق سيكون أشبه ما يكون بمنافسة لانتخاب أجمل امرأة وهكذا تفرع النوايا الطيبة للقيادة العليا في البلاد من محتواها وتضيع المرأة الجزائرية القادرة على التغيير وعلى الإضافة وعلى النضال الحقيقي فرصة تاريخية منحت لها في زمن شحت فيه الفرص... ما قلناه لا ينسحب على كل الأحزاب والحركات السياسية الجزائرية ولا يعني أن المرأة الجميلة ليست بالضرورة صالحة للبرلمان لكن أن يصبح الجمال مقياسا أولا فهذا ما لا نرضاه...