ارتفعت طلبات السكن بأنواعه الأربعة في ولاية سكيكدة، نهاية السنة الماضية، إلى 63 ألف طلب مقابل 26 ألف سكن هش وقصديري، وألفي بناية قديمة في عاصمة الولاية لوحدها ونسيج عمراني ما انفك يتآكل من سنة لأخرى في كبريات مدن الولاية. يعد السكن في الوقت الحاضر، إلى جانب الصحة والري، في المقام الثاني من القطاعات المتأخرة جدا بالولاية، ويعاني السكان من مشاكل لا حصر لها في هذه القطاعات الثلاثة التي تحتاج إلى إمكانيات و وسائل تقنية ومادية استثنائية، وإلى تدعيم كمي ونوعي من الوزارات المعنية، لاسيما وزارتي السكن والري لإلحاق الولاية بالمستوى العادي الذي وصلت إليه بعض ولايات الوطن. ويوجد حاليا على الورق 63697 وحدة سكنية مبرمجة للإنجاز، منها 30386 وحدة سكنية كإيجار عمومي، و 21133 وحدة سكنية ريفية و 12178 وحدة سكنية تساهمية وترقوية مدعمة. ووفق الجانب النظري فإن انجاز هذه المشاريع يكفي للتخفيف من أزمة السكن التي تعاني منها الولاية، إلا أن ذلك لا يكفي لأن وتيرة الانجاز تتم ببطء وسط إجراءات مادية وتقنية معقدة. كما أن الولاية مازالت منذ عدة سنوات تعاني من عدم وجود مؤسسات وطنية ومحلية قادرة على التكفل بهذا البرنامج السكني الضخم، والشركات الأجنبية الممثلة في شركتين صينيتين تقوم بعمليات الإنجاز في ظروف عادية بينما وضعية الولاية تستدعي الاستثناء، وهو ما دفع العديد من الخبراء المختصين في قطاع السكن، ومنهم مهندسون وتقنيون، من مركز مراقبة البناء، يعتقدون أن الطرق المتبعة حاليا في إنجاز البرنامج السكني لن تؤدي على الأمد القريب والمتوسط إلى نتائج كبيرة بالنظر كذلك للصعوبات الجيوفيزيائية ولطبيعة الأراضي الواقعة في كل أطراف الولاية والمتميزة بالانحدار الشديد، وبعمق لا يقل عن 30 مترا للحصول على الأرضية الصلبة. والأمر، حسب هؤلاء، لا ينبغي أن يدفع في الآجال القريبة نحو الاستعانة بشركات أجنبية ذات خبرة واسعة في مثل هذه الحالات، خصوصا من دول الشمال المتوسطي، وهي وحدها القادرة على إخراج البرنامج السكني للولاية إلى الوجود وإحداث توازن تدريجي بين العرض والطلب واللحاق بطلبات وانشغالات السكان، إلى جانب تغيير نمط المساكن والاعتماد على البناءات التي لا تقل عن 20 طابقا فما فوق مع الأخذ بعين الاعتبار لأربعة مساكن في كل طابق، وتخصيص هياكل تربوية واجتماعية وترفيهية في كل عمارة للطوابق السفلى، وبدون ذلك تبقى الوضعية قائمة وقد تتعقد في المستقبل ليضاف إليها اقتطاع الأراضي الصالحة للزراعة دون الوصول إلى حل جذري لمشكل السكن. ونتيجة لعجز المرقين العقاريين عن إنجاز ما أسند إليهم من برامج سكنية مهمة، خصوصا في منطقة واد الوحش غرب مدينة سكيكدة قررت الولاية، إسناد السكن الايجاري العمومي للشركات الصيغة مستقبلا بحيث يتضمن البرنامج تخصيص 17200 وحدة سكنية،لمحاربة البناءات الهشة القصديرية والأكواخ والبناءات الهشة. ويبقى برنامج ب 590 سكن غير منطلق من أصل البرنامج الأول، بسبب تعذر الحصول على الوعاء العقاري، وأضيف لهذا البرنامج حصة أخرى مقدرة ب 17 ألف سكن لإزالة السكنات الهشة، انطلقت منها 4370 ومازالت 12630 مسكن قيد الدراسة والمناقصة، على أن ينطلق كل البرنامج قبل نهاية السداسي الحالي، حسبما أكد عليه والي الولاية خلال أشغال المجلس الشعبي الولائي الأسبوع الماضي. توزيع 11500 سكن ريفي في الخماسي الحالي ورغم توزيع 11500 سكن ريفي من الخماسي الحالي إلا أن الطلبات ما انفكت تتزايد بشكل لم تكن الهيئات المحلية ومصالح السكن تتوقعه، حيث يسجل إقبال شديد على هذا النمط من السكن الذي يلقى الإقبال حتى من سكان التجمعات الواقعة في أعلى قمم الجبال، ما بات يحتم استجابة وزارة السكن رغبات مواطني الأرياف لتخفيف الضغط عن كبريات المدن والبلديات والتخلص تدريجيا من المجمعات القصديرية التي تضرب حزاما عريضا حول مقرات الدوائر والبلديات والمساهمة من الجانب الثاني في محاربة النزوح الريفي، وعودة الاستقرار الأمني والاجتماعي لأرياف الولاية التي هجرها سكانها بصورة جماعية، خلال ما يعرف بالعشرية السوداء احتجاجات تكاد تكون يومية في قرى وبلديات الولاية من طرف السكان للمطالبة بمضاعفة حصة الولاية من السكن الريفي والتخلي عن صيغة السكن الاجتماعي والتساهمي في الأرياف. واستنادا لتقديرات الولاية و مصالح السكن، فإن إنجاز برنامج السكن الحالي بكل أنماطه سيساهم في خفض نسبة شغل السكن من 5.9 في نهاية 2011 إلى 5.1 في نهاية 2014، غير أن تجارب الولاية مع التجارب السابقة والمعطيات الحالية ترجح ألا تتحقق هذه الفرضية، إلا وفق توافر شروط وعوامل أساسية مازالت غير موجودة على أرض الواقع، أهم ما طرأ على ساحة المدينة القديمة والنابوليتان هو الشروع في مناقصة وطنية ودولية لتنفيذ أشغال ترميم الشارع الرئيسي، ديدوش مراد المهدد في أي لحظة بانهيار المباني القديمة الواقعة فيه، و هذا بعد أن تدعمت الولاية من وزارة السكن ب 150 مليار سنتيم لهذا الشأن، ثم الانطلاق في المرحلة الثانية في تهيئة مساكن النابوليتان التي يفوق عددها مجتمعة 2000، على أن تضطر مصالح السكن إلى طلب إعانة إضافية وتكميلية لإتمام أشغال التهيئة للمباني القديمة والتخلص من مشاكل عويصة تقع يوميا فيها، وتؤدي إلى انهيار أجزاء منها والارتقاء بسكانها إلى الشارع. وفي بعض الأحيان تسجيل خسائر بشرية ومادية فادحة سكان عاصمة الولاية والجمعيات العاملة في حقل السكن والتعمير، يؤكدون على ضرورة أن تتدخل وزارة السكن بكل قوة في قطاع السكن وأن تقدم كل الدعم والسند المادي و التقني، لان سكيكدة لها خصوصية فريدة ومشاكل عويصة ومتراكمة وعجز مزمن صعب تداركه.