كنا نتوقع أن يتحرك ضمير بشار الأسد ويهتم للأصوات المنادية من الداخل والخارج بوقف العنف ويضع حدا للمجازر التي استهدفت الأطفال والسكان العزل في سوريا وبحث حل يخرج بلاده من الورطة التي وقعت فيها منذ أزيد من سنة ويجنب شعبه العنف والويل.. لكن الأسد خرج من حيث لم نكن ننتظر، وعوض أن يبدي أسفه على ما يدفعه الشعب السوري يوميا من ضحايا التناحر على السلطة، وعوض أن يقدم حلا للأزمة التي تتخبط فيها بلاده، أظهر بشار تعنتا غير مسبوق في موقفه مما يحدث في بلاده. كلام بشار فيه تحد للمجتمع الدولي وفيه إحراج لأولئك الذين ساندوه، ورفضوا حل القوة الذي طرحته قطر والسعودية. وعوض أن يدفع عن بلاده شبح التدخل الخارجي، قد يجني بكلامه هذا على بلاده ويدفع بعجلة الحرب وتدخل الناتو إلى اقتراف ما لا يحمد عقباه، فلم يبق أمام هذه المجازر المتكررة وأمام تعنت الرئيس السوري غير خيار الحرب وتدخل القوى الأجنبية، وخيار الحل الليبي الذي فتح ليبيا على كل المخاطر.. فهل هذا ما يريده الأسد لبلاده وشعبه؟ ثم، كيف يشترط على المعارضة أن تكون نظيفة الأيدي لتجلس إلى طاولة الحوار، وهو نفسه ملطخ بدماء أبرياء سوريا في كل المجازر التي لا يعلم عددها إلا الله، سواء كان الجيش النظامي هو من اقترفها، أم أعداء سوريا والخارج، الذين يتهمهم بشار بالوقوف وراء مجازر الحولة، وبابا عمر، فعندما يعجز رئيس عن حماية شعبه من مثل هذه المجازر، فهو لم يعد يستحق هذا المنصب، وكان عليه أن يستقيل لأنه لم يحم أطفال سوريا من الموت، فما بالك عندما يكون هو أو محيطه من خططوا لهذه المآسي. ماذا ينتظر بشار كي يستقيل ويريح سوريا، ويريح نفسه من هذا الثقل الذي يحمله منذ أكثر من سنة، وهو يعرف أن نهايته لن تختلف عن نهاية صالح أو القذافي، والحلول السلمية التي طالب السوريون بها في بداية الأحداث، لم تعد تليق بهذه المرحلة، بعد كل الأرواح التي سقطت، وبعد لغة التهديد والوعيد والمراوغة التي يمارسها بشار، فلم نسمع رئيسا قصف شعبه بالطائرات ووجه فوهات الدبابات إلى صدور الأطفال إلا بشار، ومن العار أن يقبل المجتمع الدولي باستمرار هذه المهزلة ويترك الشعب السوري يواجه آلة الجنون بمفرده.