لم تجد الحكومة التونسية في تبرير حرمان 9آلاف مواطن تونسي من مناصب عملهم في قطاع حديد مواد البناء إلا التحجج بأن ارتفاع تهريب الحديد الجزائري إلى أراضيها هو من يقف وراء ذلك، واصفة إياه بأنه حديد يفتقر للجودة ولا يحترم المواصفات، دون أن تعترف بأن عدم قدرتها في السيطرة على الوضع الأمني وضبط تحركات المهربين على حدودها كان هو السبب وراء هذه الظاهرة التي تنخر الخزينة الجزائرية. وذكرت وسائل الإعلام التونسية الصادرة أمس، أن ظاهرة تهريب حديد البناء من الجزائر باتجاه تونس بطرق غير شرعية قد تفاقمت، الأمر الذي أضرّ بالقطاع والنسيج الإنتاجي إلى جانب تهديد القطاع بفقدان ألفي موطن شغل مباشر و7 آلاف موطن غير مباشر يوفرها قطاع حديد مواد البناء في تونس. ونقلت الصحافة التونسية عن سامي بوفارس كاهية، مدير بالإدارة العامة للصناعات الميكانيكية والمعادن بوزارة الصناعة قوله في مؤتمر صحفي عقد أول أمس، إن إدارته تلقت منذ مطلع السنة الحالية العديد من المراسلات التي تتضمن تشكي المهنة وأصحاب مصانع التحويل من تفاقم ظاهرة تهريب حديد البناء من الدول المجاورة، وبالتحديد من الجزائر عبر النقاط الحدودية. وقال المسؤول ذاته ”إنّ انتشار هذه الظاهرة انعكس سلبا على نشاط القطاع في السوق المحلية”، مشيرا إلى أنّ المبيعات بلغت سنة 2011 حوالي 428 ألف طن، مقابل 485 ألف طن في سنة 2010، مسجلة تراجعا بنسبة 16.6% لتتطور الوضعية نحو الأسوأ بتسجيل تراجع في نشاط البيع بنسبة تقارب 40%. ودعا المسؤول نفسه التونسيين إلى عدم الإقبال على شراء الحديد المُهرّب من منطلق ما سماه ”الواجب الوطني وتشجيع المنتوج المحلي”، مُحذرا حسب زعمه من ”ضعف جودة المنتوج المُهرّب وعدم احترامه للمواصفات الفنية المعمول بها والتي قد تكون لها عواقب وخيمة على البناءات”، داعيا السلطات المعنية وفي مقدمتها وزارة التجارة والجمارك إلى تكثيف المراقبة للتقليص من تفاقم توريد هذه المادة الاستراتيجية. ورغم إرجاعه سبب فقدان 9 آلاف تونسي لمناصب عملهم للحديد المهرب من الجزائر، إلا أن المسؤول ذاته لم يستطع تقديم بيانات ومعطيات مُحدّدة حول كمية الحديد المُهرّب من الجزائر عبر ولاية القصرين والولايات الحدودية الأخرى. وبين ممثل وزارة الصناعة التونسية أن السبب الرئيسي في الإقبال على الحديد المهرب يتمثل أساسا في فارق السعر في تونس والدول المجاورة، ملاحظا أن الأسعار في تونس تبقى مُحددة ومُؤطّرة، كما يخضع التوريد إلى ترخيص مسبق، في حين أن الأسعار في هذه الدول حرة ولا تخضع إلى ترخيص، على حد قوله. وبيّن أنه لمجابهة الوضع والاستجابة إلى الطلبات في السوق المحلية سمحت وزارة الصناعة سنة 2011 بعد الاتفاق مع المهنة على توريد 100 ألف طن من الحديد الجاهز لغرض تعديل السوق. ولم يتطرق المسؤول التونسي في حديثه مطلقا لأي نية تسعى لها بلاده للتقليل من ظاهرة تهريب الحديد التي تنخر الاقتصاد الجزائري، كما لم يتحدث عن أي مبادرة مشتركة قد يناقشها البلدان خلال اجتماعات اللجنة الثنائية الجزائريةالتونسية .