تتمسك باريس بالمصالح الاقتصادية في الجزائر وتعتبرها الأساس في وضع العلاقات بين البلدين، وهو الأمر الذي يظل قائما مهما تغيرت السياسات والتوجهات المسيّرة لقصر الاليزيه، حيث كلف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الوزير الأول السابق جون بيار رافاران بمواصلة مهمته لتقريب الرؤى بين الحكومتين، في إطار الملف الذي أطلق عليه “الدبلوماسية الاقتصادية”. رفاران الذي عين من طرف الرئيس الفرنسي المنتهية عهدته نيكولا ساركوزي من أجل إعادة الدفء للعلاقات الاقتصادية بين البلدين إثر الركود الذي مرت به لأسباب سياسية بالمقام الأول جعلت فرنسا تتراجع عن مكانتها التي حافظت عليها لعدة عقود، لصالح الصين حيث تربعت على رأس القائمة كأول ممون للجزائر، كما انعكس تنويع الشركاء على المصالح الاقتصادية لفرنسا في الجزائر التي اعتقدت لمدة طويلة إنها من حقها لدواعي تاريخية. تعيين الوزير الأول لمواصلة مهمته في الجزائر تحت “مظلة” الحزب الاشتراكي بقيادة فرانسوا هولند، تؤكد أن الحفاظ على المصالح الاقتصادية هو الدافع الأول للقرارات الاقتصادية، على انه من المنتظر أن تعرف العلاقات بين البلدين تقدما بفعل المرونة التي من المتوقع أن يتبناها القادم الجديد للاليزيه على خلاف سياسة سلفه ساركوزي. وعلى هذا الأساس، فإنه من المقرر أن يحل الوزير الأول جون بيار رفاران خلال الأيام القليلة المقبلة بالجزائر، في زيارة تندرج أساسا في إطار إتمام برامج الشراكة المعلنة في العهدة السابقة والتي عرفت تأخرا نتيجة اختلاف في وجهات النظر كما هو الشأن بالنسبة لمشروع مصنع “رونو” الذي راوح مكانه منذ بضع أشهر، برّر وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة المتوسطة محمد بن مرادي تعطله ب”إشكالات تقنية” قال انه لم يتم الاتفاق عليها، في حين تمكنت قطر من “حجز” الوعاء العقاري بمنطقة بلارة في جيجل لإنجاز مصنع الحديد والصلب، المساحة التي ظلت لفترة طويلة تعتبر مكان انجاز مصنع “رونو“، والتي قد تهدد أيضا هيمنة الشركة الفرنسية لأرسيلور ميطال على إنتاج الحديد والصلب في الجزائر. مهمة رفاران مع السلطات العمومية الجزائرية لا تقتصر على الاستثمار الخاص بمشروع إنجاز السيارات التي تحمل علامة رونو جزائرية الصنع، وإنما تتعلق كذلك بجميع الشراكات الثنائية خاصة الكبيرة منها على غرار استكمال مشروع توتال بالشراكة مع مجمع سوناطراك بالإضافة إلى ملف استثمار شركة سانوفي افينتس. تجدر الإشارة إلى أن تعيين رفاران لتلطيف الأجواء بين الجزائروفرنسا ضمن ملف “الدبلوماسية الاقتصادية” تأتي نتيجة لما حققه خلال المراحل السابقة، حيث عين وزير الخارجية الفرنسي الى جانبه أيضا كل من الأمينة العامة للحزب الاشتراكي مارتين أوبري لمتابعات ملفات التعاون مع الصين، والمسؤول السابق على “رونو” لويس ستشويزر لتحسين العلاقات مع اليابان.