أفرزت الاحتجاجات المتكررة التي شنها بطالو ولاية عنابة، خلال الأشهر الماضية، للمطالبة بمناصب الشغل، ديناميكية إدارية جديدة مكنت من الوقوف على العدد الحقيقي للبطالين بهذه الولاية، إلى جانب كشف الجمود الهائل الذي ميز المؤسسات الصناعية على مدار أكثر من 10 سنوات من غيابها عن المساهمة الفعالة في سوق الشغل. إذ لم تتعد هذه المساهمة ال1 بالمائة من إجمالي عدد مناصب العمل التي أنشئت في القطاعات الأخرى، وهي نسبة تبقى محدودة جدا بولاية تتمتع بوجود مؤسسات صناعية رائدة على غرار أرسيلور ميتال، أسميدال، وغيرها من الهياكل الصناعية المترامية الأطراف بالمنطقة الصناعية ببرحال. وقد بلغ عدد الشباب البطالين، عبر 12 بلدية متفرقة بعنابة، 37 ألفا و263 بطال، يشكل 18 ألفا منهم حصة بلدية عنابة لوحدها، فيما أحصي 20 بالمائة منهم من عديمي المستوى. ويرجع المسؤولون هذا العدد الهائل من البطالين إلى عدة عوامل، منها الوضعية غير المستقرة التي عرفتها أغلب المؤسسات الاقتصادية والصناعية بالولاية، خلال العشرية الماضية، إلى جانب عزوف العديد من هؤلاء الشبان عن ممارسة العديد من الحرف والمهن خاصة بقطاعي البناء والعمران، اللذين يسجلان حاليا عجزا كبيرا في اليد العاملة المؤهلة، وهو التكوين الذي يفتقر إليه أغلب البطالين. هذه الوضعية ساهمت في تفاقم أزمة البطالة بولاية عنابة، التي دخلت في سلسلة من الاحتجاجات، عقب إعلان السلطات العمومية عن توفر عقود العمل المؤقتة، حيث أصبح غالبية هؤلاء البطالين يطالبون فقط بعقد عمل يضمن لهم تقاضي 1200 دينار، ما كان وراء تخصيص حصص عقود لكل بلدية، غير أن هذه الحصص لم تمكن من تلبية جميع الطلبات، علما أن هذه الصيغة من التوظيف تشكل حلقة مفرغة، نتيجة معاودة البطالين الذين سبق وأن استفادوا من عقود عمل مؤقتة، المطالبة بعقود جديدة، بسبب عدم إدماجهم في مناصب شغل قارة، لتبقى الأزمة قائمة رغم اتجاه العديد من هؤلاء البطالين إلى صيغ التشغيل مثل وكالات “كناك”، “ أنساج” وغيرها من هياكل دعم تشغيل الشباب قصد خلق مؤسسات مصغرة خاصة بهم، على خلفية التسهيلات والتحسينات الجديدة التي أقرتها الحكومة في هذا المجال.