“المصبية مصيبتان”.. بهذه الكلمات استقبلتنا عائلة قبايلي محمد، التي قتل ابنها بطلقة نارية من طرف قاصر كان يترصد الضحية بسبب شجار وقع بين القاتل وإخوان الضحية الصغار. عائلة الضحية “ق.م” البالغ من العمر 21 سنة، عانت الأمرّين ليس بسبب تعرض ابنها لإصابة خطيرة في الصدر والتي فارق على إثرها الحياة قبل وصوله لمستشفى عين بوسيف فقط، بل بسبب ما طالها بعد حادثة الاغتيال هذه جراء إجراءات بيروقراطية ناتجة عن نقص فادح في الأطباء الشرعيين بهذه الولاية ونظيراتها، حيث يبلغ عدد أطباء هذا الاختصاص على مستوى الوطن 13 حسب مصادر على علاقة بقطاع الصحة. معاناة أهل الضحية بدأت من وقت نقل جثة فقيدهم إلى قاعة حفظ الجثث بمستشفى عين بوسيف، حيث كان مقررا في اليوم ذاته التشريح بمستشفى محمد بوضياف بالمدية، غير أن مكان وقوع الجريمة حال دون ذلك، باعتبار أن الجريمة وقعت في اقليم ولاية الجلفة، أين تطلب نقل الجثة إلى مدينة عين وسارة لاستكمال التحقيق. وبعد يوم من ذلك تم نقل الجثة إلى ولاية الجلفة للتشريح إلا أن الطبيب الشرعي كان في إجازة نهاية الأسبوع، ما حتم على اهالي الضحية البحث عن طبيب مناوب بولاية البليدة، ليتم بعدها نقل جثة الضحية الى البليدة وسط تذمر ومعاناة أهالي الفقيد. تأخر ب10 دقائق يحرم العائلة من تشريح الجثة من سوء حظ عائلة الضحية أنها تأخرت بعشر دقائق عن مناوبة “نصف دوام الطبيبة”، أي على الساعة 13.00، ما تطلب منهم ترك الجثة ليوم آخر، ليتم بعدها تشريح جثة الضحية وإعادتها إلى مستشفى عين وسارة أملا في إتمام إجراءت الدفن، غير أن أهالي الضحية تفاجأوا بفتح العدالة للتحقيق وإبقاء الجثة تنتظر من يدفنها، كون أم الضحية ووالده تم استدعاؤهما للتحقيق معهما رغم وضعهما الصحي المتدهور، ما دفع إلى ترك جثة الضحية تنتظر لساعات ما بعد الظهيرة ليتم نقلها فيما بعد، أي بعد تحرير أمر بالدفن ونقل الضحية إلى مقبرة العبازيز على الساعة السادسة والنصف مساءا للدفن والملاحظ على الجثة أنها تغيرت، حيث لم يسعها التابوت من شدة الانتفاخ.-وأمام هذا المشهد المتكرر مع المعاناة والعذاب لأهالي الضحايا الذين ينقلون أمواتهم للمستشفيات وتتطلب ملابسات وفاة أبنائهم التشريح مع نهاية الأسبوع. ويبقى التساؤل مطروحا حول من يتحمل مسؤولية بقاء الجثث مكدسة تنتظر التشريح لأكثر من 3 أيام، وهذا في ظل نقص الأطباء الشرعيين من جهة وخروج الطبيب الشرعي في عطلة نهاية الاسبوع ليومين، أي من يوم الجمعة إلى غاية الأحد، وكذا في ظل تواجد طبيب شرعي واحد ببعض الولايات، فيما يوجد طبيب شرعي لولايتين أوأكثر في مناطق أخرى. معاناة أهالي الضحايا تزداد حدة مع نهاية الاسبوع، ومن جهتها ناشدت عائلة قبايلي وزير الصحة ضرورة التدخل لإيجاد حل لعشرات العائلات أمثالها ممن يرمي بها القدر نهاية الأسبوع على ابواب قاعة حفظ الجثث، لتصبح آمالها محصورة في دفن جثة فقيدها وآلامها مؤجلة إلى ما بعد الدفن، حيث بات العديد من الأهالي ممن اندرجت حالتهم ضمن هذه الحالات، الابقاء على فقيدهم بالبيت دون نقله للمستشفى للتأكد من وفاته خشية من التشريح والتأخر الحاصل في تشريح الجثة، خاصة إذا صادف أن توفي الضحية خلال فترة نهاية الأسبوع، وكذا خشية من المعاناة التي تزيد في مصابهم. وتبقى عائلة قبايلي كعينة ليس إلا، فالحالات كثيرة والمعاناة أكبر في ظل النقص الحاد المسجل في الأطباء الشرعيين على مستوى الوطن.