تحاول الكاتبة المصرية، شيماء زايد، في هذه الدردشة التي جمعتها ب"الفجر"، أنّ تسط الضوء على واقع الكتابة في مصر وتأثير ربيع الثورات العربية على المثقفين فيها وفي البلدان التي كانت تعيش تحت وطأة أنظمة فاسدة، وتعد شيماء زين أحد أهم الأصوات الشابة الفاعلة في الساحة الأدبية المصرية، تكتب القصة والقصة القصيرة، لها عدّة إصدارات أدبية منها المجموعة القصصية الموسومة ب"للصفيح بريق خاص" التي صدرت عن دار الأخبار المصرية، وقد قال عدد من النقاد عن كتاباتها بأنها أهم كتاب جيلها، تمتلك كل مقومات كتابة القصة القصيرة، رؤية ثاقبة عميقة تدرك أغوار النفس البشرية، وتلتقط لحظات مهمة في حياة البشر، ولغة سليمة ناصعة، وبناء شديد الإحكام، يغلق النص كي ينفتح علي المتلقي فيمتعه ويعلمه بعمق، كما هو حال الفن الجميل دائما.. في البداية حدّيثينا عن تجربتك في الكتابة؟ كنت أكتب شيئا من الشعر والخواطر وأشياء أخرى في مرحلة الطفولة، غير انه بعدها بسنوات تبلورت هذه التجربة تزامنا مع التحاقي بكلية الآداب قسم اللغة العربية لدراسة الأدب باستفاضة وأثناء دراستي للأدب الحديث في هذه الفترة، وجدت أن اللون القصصي يشبهني كثيرا وأميل إليه بصفة كبيرة، فكتبت أول قصة لي ونشرت في عدة مواقع إلكترونية عربية ومصرية. وهي تحمل الآن اسم مجموعتي القصصية "للصفيح بريق خاص "، التي نشرت كذلك ورقيا في مجلة الثقافة الجديدة. أي المواضيع التي حاولت كتاباتك أن تسلّط عليها الضوء؟ لا أخفي عليك أنها تتطرق إلى موضوع مهم يعاني منه المجتمع العربي في مجالات الحياة المختلفة ألا هو موضوع الفقد المعنوي أكثر منه ماديا، أي أنّ القصص مشحونة بحالة الفقد التي تختلف حسب الزمان والمكان والمحور المعالج، على غرار فقد الأشخاص، فقد الأشياء، فقد الأمان، فقد البراءة، فقد الذات، فقد العدالة، فقد الوطن، فقد اليقين..وغيرها من الأحداث والحالات التي تعبر عن المجتمع العربي والمصري على وجه الخصوص. هل جسدّت ثورة 25 يناير كحالة افتقدها المصريون منذ تربع الرئيس المخلوع مبارك على عرش السلطة ؟ بصريح العبارة الفقد هوة عميقة في القلب تشعرك دائما بأنّك بعض إنسان وليس إنسان بكامل وعيه وعقله وخصوصيته، تبحث عمّا قد تكتمل به إنسانيتك المسلوبة وعمّا يرمم تصدعات نفسك وهواجسها، قد يكون بسيطاً كالصفيح، وهي مجموعة التي كتبت في زمن ما قبل الثورة وتعتني بكل ما هو إنساني، حيث أشير إلى أنها تحمل قراءة وتصورا مستقبليا للأوضاع، أي أنها تستشرف المستقبل وبعض الأحداث، وكل ما هو إنساني لا يخلو من السياسة ولكن تأثير السياسة على الفرد المهمش المطحون في الحياة اليومية وتفاصيلها، وبالتالي جاءت الثورة المصرية التي تندرج في إطار ما يسمى بالربيع العربي وثورات الشعوب العربية على أنظمتها الفاسدة في أجزاء كثيرة من القصص منها التي تتحدث عن الوطن وعن ظروف المعيشة والأمن الغائب بالإضافة إلى اللاعدالة التي تطال حياة المصري على جميع الأصعدة، وغيرها من الحالات التي تشعرك بالغضب والخيبة تجاه نظام بلدك. هل أنصف النظام السابق المبدعين في مصر أم أنه كان ضدهم؟ في كل الأحوال منظومة الفساد لا تنحي الإبداع جانبا ولا تتركه يتنفس لوحده، بل الفساد طال كل شيء وتغلغل في جسد الدولة لأعوام وأعوام، حيث يبقى مجال الأدب بصفة عامة في مصر ليس ممهدا ومعبدا طريقه لكبار الكتّاب حتىّ يتسع للصغار وللمبدعين من الشباب، باعتبار فساد المؤسسات الثقافية وفساد آلية النشر والتوزيع إلى غياب معايير الجودة والنوعية المرافقة لصدور الكتب والمنشورات الورقية من مجلات وكتب ومدونات وغيرها، وبالتالي فإنّ احتراف الأدب أقرب ما يكون للنحت علي الصخور بأظافر لبنية. تقصدين أنّه كان هناك نوع من التضييق على حرية المبدع والكاتب؟ أرفض في هذا الصدد مصطلح التضييق الذي يتنافى مع إمكانات وقدرات المبدع والمثقف بشكل عام، لأن المبدع المؤمن بقضيته وما يكتب يجد طريقة دائما لشريحة القراء ويصل إليهم دون شك فهو يعبر عما يحمله في جوفه من رسائل، ولكن ليس هناك تسيير إذا صح التعبير ومنهجية تستقرئ الوضع. ألا توجد رقابة على الكتاب والمبدعين؟ كشيماء، لم أوضع في موضع منع أو تضييق، ولكن لا أنكر وجود هذه الحالة من التضييق في النظام السابق والتي طالت عددا من المبدعين الكتاب فلطالما سمعنا عن دور نشر أغلقت وكتب صودرت وكتاب كبار تعرضوا للتضييق. بعيدا عن المشهد الثقافي المصري كيف تقرئين واقع الإبداع والمبدعين في العالم العربي؟ الواقع العربي في حالة صحوة بعد ثورات الربيع العربي، ولكن تبقى هناك حالة من الاضطراب التي يعيشها المثقف الذي لازال يتساءل بين هل استطعنا أن نخرج من بؤرة الأنظمة الفاسدة، وما الذي ينتظرنا في الغد، وبين ميراث ضخم من الفساد والجهل والخوف والمرض ..والأدب بشكل عام انعكاس لهذا الواقع. هل أثر الربيع العربي على كتابات مبدعيها؟ بالتأكيد الثورة حالة والأدب استشراف للحالة وتعبير عن الحالة، الأدب دائما يبحث عن العدالة والجمال وأمور أخرى، لكن ما وراء السطور من معان واستشراف وترميز وسعي من أجل الحرية والعدالة والجمال الأمر لا يتعلق بالشكل فقط بالسطور، حيث توجد عديد الكتابات الجزائرية التي استشرفت مثل هذا الواقع وجسدت فترة من تاريخ المجتمع الجزائري وأبرزها ما قدمته أثناء فترة الاستعمار، وسنوات الإرهاب. كما لم تغب في تناولها للمشهد العربي الراهن من خلال ثوراته الأخيرة فأنا متيقنة بأنها تناولت الربيع العربي في مصر وتونس، ليبيا واليمن وسوريا رغم إنني لم اطلع بعد عن ماهية الكتابات وأسماء كتابها.