اعتبر المؤرخ الفرنسي جان لوك إينودي، في حوار له مع ”فرانس 24”، أن الأوان قد حان للحكومة الفرنسية كي تعترف رسميا بوجود مجازر أكتوبر 1961، والتي هزت الشارع الباريسي منذ نصف قرن، وقال صاحب كتاب ”معركة 17 أكتوبر، 1961 بباريس”، إنه يأمل أن تعترف فرنسا رسميا بهذه المجازر كما وعد بذلك الرئيس فرانسوا هولاند، أثناء الحملة الإنتخابية في ماي الماضي. ونوّه إينودي، إلى أن هذه المجازر تعد محطة مؤلمة من محطات الحرب الفرنسية ضدّ الجزائريين ولا يمكن أن نفهم أبعادها وأسبابها إلا في إطار هذه الحرب ولا يمكن فصلها عن مجازر سطيف وڤالمة، التي وقعت في 1945 ومجازر أخرى تسبب فيها الاستعمار الفرنسي خلال احتلاله للجزائر لأكثر من قرن، لكن، يضيف المتحدث، يمكن القول أيضا أن هذه الأحداث تعكس من جهة، إرادة جزائريي فرنسا، الذين عانوا هم أيضا من عبء الاستعمار، بمساندة الثورة من أجل الاستقلال ومن جهة ثانية تكشف عنف شرطة المستعمر التي لجأت إلى القوة ضد متظاهرين مسالمين في قلب العاصمة باريس، لكن ورغم عنف هذه الأحداث وشراستها، فإنها لم تكن عائقا أمام استمرار المفاوضات بين الحكومة الفرنسية والحكومة الجزائرية الموقتة، خاصة أن الجنرال ديغول كان مستعدا لإنهاء هذه الحرب التي وضعت فرنسا في عزلة دولية. وأشار المتحدث، إلى أن رد فعل المجتمع الفرنسي والمثقفين إزاء هذه المجازر لم يكن قويا، والسبب يعود إلى أن الحكومة حاولت آنذاك بقدر الإمكان إخفاء حقيقة ما جرى في الشوارع والساحات الباريسية والتكتم عن هذه العملية الأمنية، وأنا شخصيا أشاطر بيار فيدال ناكي، موقفه والذي أصدر كتابا بعنوان ”17 أكتوبر 1961، اليوم الذي لم يهز باريس”. واعتبر المؤرخ، رفض فرنسا الاعتراف بهذه الجريمة راجع لأسباب عديدة أهمها: هو أن مسؤولي هذه المجازر في 1961 لم يتخلوا عن مسؤولياتهم وظلوا في الحكومة وفي الإدارة الفرنسية سنوات طويلة بعد استقلال الجزائر، مثل موريس بابون، الذي تقلد مناصب رسمية حتى عام 1981، إضافة إلى وزير الداخلية السابق روجي فري، الذي عمل في المجلس الدستوري الفرنسي حتى 1983، ونفس الشيء بالنسبة لفرانسوا ميتران، الذي كان في المعارضة عام 1961، رفض الحديث عن سنوات الحرب عندما أصبح رئيسا لفرنسا كونه كان متورطا هو أيضا في هذه الحرب إذ شغل آنذاك مناصب عليا مثل منصب وزير الداخلية ووزير العدل، وبالتالي لم يكن في صالح هذه الشخصيات فتح ملف هذه المجازر، لكن بفضل البحوث التاريخية والدراسات والكتب، عادت هذه الجريمة إلى الواجهة السياسية الفرنسية وأصبحت الرغبة بكشف الحقيقة كبيرة سواء كان في صفوف الجزائريين أو المسؤولين الفرنسيين الجدد. وأضاف إينودي، قائلا إن الحادثة التي وقعت في 1999 عندما رفع موريس بابون، ضدي دعوى قضائية بتهمة الذم، القدح وتزييف الحقيقة، وكانت هذه الخطوة بمثابة مرحلة أولى في الاعتراف ضمنيا بوجود مجزرة اسمها 17 أكتوبر 1961 بفرنسا، ومنذ ذلك الحين، أصبحت منظمات عديدة من المجتمع المدني وأخرى مدافعة على حقوق الإنسان تطالب بكشف ملابسات هذا الحادث الأليم ومعاقبة المتورطين فيه، من الناحية السياسية والرمزية، تعهد فرانسوا هولاند، خلال حملته الإنتخابية الرئاسية بأن تعترف فرنسا رسميا بهذه الجريمة في حال فاز بالإنتخابات، اليوم نحن ننتظر أن يف بالوعد الذي قطعه ونحن اليوم نتذكر هذه المجازر.