انتهت الانتخابات الأمريكية بفوز أوباما، وصار بإمكان هذا الأخير أن يقول كلمته بكل حرية ودون حسابات مسبقة أو تكتيك انتخابي. وها هو رجل السلام الأمريكي يقول كلمته بشأن فلسطين، ويعلنها صراحة أنه يقف ضد مشروع محمود عباس القديم الجديد، ومطلبه الذي صار أسطوانة مشروخة وهو أنه سيسافر للمرة كذا إلى الأممالمتحدة ويطلب العضوية غير الكاملة في المنظمة، واعترافا دوليا بسلطته كملاحظ في هذه المنظمة العالمية، مع أن إسرائيل لم تعد تعارض المطلب حسب أحد خبرائها، وتقول لنتركه يذهب ثم نفرغ المطلب من محتواه!؟ يأتي هذا في وقت يجري فيه تصعيد للعنف بين فلسطين وإسرائيل، فلسطين تلقي بصواريخ لا تقتل في إسرائيل، وإسرائيل ترد بعنف كالعادة وتقتل ستة فلسطينيين، كرد على ما تسميه إسرائيل اعتداء على أمن "ترابها". تهدد إسرائيل الفلسطينيين بالعودة إلى اغتيال القيادات الفلسطينية وخاصة من حركة حماس، بل وذهبت إسرائيل إلى حد التهديد بحل السلطة الفلسطينية لعجز عباس - حسبها - عن وقف الاعتداء على أمن إسرائيل الذي صار من مهام السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أكثر منه مهمة إسرائيل، حتى أن عباس سبق وصرح أنه لن يسمح بانتفاضة ثالثة على الأقل في الضفة الغربية التي ما يزال لديه شيء من السيطرة عليها، كعربون يدفع به مقابل الحصول على العضوية غير الكاملة، كأهم إنجاز يحققه أمام تاريخ كامل من الإخفاقات. فما عساها تفعل حماس التي رغم أنها كانت تحاول تجنب مواجهة مع إسرائيل وحرب قاسية كالتي عاشتها قبل أربع سنوات، إلا أنها تقف اليوم أمام إفلاس سياسي، بعد أن برزت تنظيمات إسلامية جديدة على الساحة بدأت تسحب بساط الشعبية من تحت أقدامها في غزة وحتى في الضفة؟ خاصة وأن زيارة أمير قطر الأخيرة لها لم تعد على القطاع بنفع إلا أنها قبرت نهائيا حل القضية الفلسطينية، وكرست حل الدولة ونصف الدولة، دولة في غزة بقيادة حماس، ونصف دولة في الضفة تهدد إسرائيل بحل سلطتها في وقت لم تجد بعد بديلا لعباس؟! يأتي هذا في وقت سدت فيه حماس على نفسها باب سوريا أين كانت تتلقى مقاومتها الدعم بالسلاح والمال وملجأ آمنا لقياداتها، بعد أن قررت سوريا طرد قيادة حماس بسبب دعم هذه الأخيرة للمقاومة السورية، ودعمها لخيارات أمير قطر في المنطقة. أما إسرائيل فستواصل قصفها للأراضي الفلسطينية وستواصل قتل الفلسطينيين بسبب أو من دون سبب، سواء كان السبب الرد على صواريخ فلسطينية، أو في إطار حملة انتخابية يقوم بها التيار المنافس لنتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، لضرب سياسة بيبي الذي راهن على أن العدو الرئيسي لإسرائيل هي "إيران" وليست حماس. وسيبقى العرب أمام ما يحدث في فلسطين خارج مجال التغطية، وليس على دكة المتفرجين، لأن الفرجة العربية الآن مشتتة بين سورسا وتونس وليبيا وحتى مصر التي لم ينجح فوز مرسي الإخواني فيها بالرئاسة بإعادة مصر لمكانتها الدولية والعربية، في وقت غرقت فيه "الأخت الكبرى" في مشاكل لا تنتهي وساد ساحتها نقاش طائفي وجانبي لا يقدم ولا يؤخر للقضية الفلسطينية، غير تجسيد الانقسام الحاصل بين الأطراف الفلسطينية، التي ضاعت في غوغاء الشارع العربي؟!