الجزائر وفرنسا لم تتفقا بعد على سعر الغاز الممون للمشروع يتوقع المتتبعون للعلاقات الاقتصادية الجزائرية الفرنسية أن ملف ”توتال” سيكون غائبا عن أجندة زيارة جون بيار رافاران التي ستنطلق أشغالها اليوم، من منطلق أن ملف الشراكة هذا سيظل مفتوحا للنقاش على مستويات أعلى خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المرتقبة شهر ديسمبر الداخل. ومن المتوقع أن يفشل المسهل الفرنسي رفاران في إيجاد الحلول للإشكالات التي يطرحها ملف ”توتال” الخاص بإقامة مركب بتروكيميائي بقيمة حوالي 5 مليار أورو، والذي يواجه عقبات رغم إدخال الشريك القطري بنسبة 10 بالمائة في رأسمال الشركة المختلطة الجزائرية الفرنسية، من الحصة الفرنسية، على الرغم من أن الطرف الفرنسي مطالب بتقديم التنازلات الضرورية بحكم الوضعية الصعبة التي يعيشها اقتصادها، تجعلها على شفير الانهيار وفي حاجة ملحة إلى موارد ماليا خارجية تعتبر الاحتياطي الجزائري أفضلها. ويتمثل وجه الصعوبة التي يواجهها الوزير الأول الفرنسي السابق رفاران فيما يتعلق بملف مصنع توتال البتروكيميائي، في عدم الاتفاق على سعر الغاز الذي سيزوّد المصنع، وتضارب وجهات النظر إذ أنه في الوقت الذي يعتبر الجانب الجزائري أنه من غير المقبول دعم سعر الغاز لمشروع موجه للتصدير، وأن السعر المسوّق سيعتمد التسعيرة الدولية، يذهب الجانب الفرنسي إلى اعتقاد الرأي المخالف، على الرغم من أن المشروع الذي يعود لسنة 2007 قد استفاد من عدة مزايا وتنازلات من الجانب الجزائري، منها السماح بدخول شريك قطري بنسبة 10 بالمائة، وعدم إخضاع المشروع لقاعدة 49/51 بالمائة، المنظمة للاستثمارات الأجنبية وهو ما يعتبر استثناء حيث يكون الشريك الأجنبي قد حصل على الأغلبية وحق التسيير وعلى إمكانية التمويل المالي من الخارج. وبالموازاة مع ذلك، تحاول الدبلوماسية الاقتصادية الفرنسية إقناع الحكومة الجزائرية بأن المشروع بهذه الصيغة غير مربح من الناحية الاقتصادية بدعوى أنه لا يحقق المردودية المطلوبة، في سعيها لتحقيق بعض المكاسب الإضافية، وعليه فإن الزيارة الحالية لرفاران ستسخر فيها الجهود لا للاتفاق على المشاريع المشرفة على انتهاء مفاوضاتها على غرار ”رونو”، و”سانوفي أفانتيس” وذلك تحضيرا لزيارة المسؤول الأول عن قصر اإليزيه فرانسوا هولاند إلى الجزائر، وعلى هذا الأساس، فإن مهمة رفاران مع السلطات العمومية الجزائرية لن تقتصر على الاستثمار الخاص بمشروع إنجاز السيارات التي تحمل علامة رونو جزائرية الصنع، وإنما تتعلق كذلك بجميع الشراكات الثنائية خاصة الكبيرة منها. وتجدر الإشارة إلى أن تعيين رفاران لتلطيف الأجواء وإذابة الثلج بين الجزائر وفرنسا ضمن ملف ”الدبلوماسية الاقتصادية” تأتي نتيجة لما حققه خلال المراحل السابقة، حيث عين وزير الخارجية الفرنسي إلى جانبه أيضا كلا من الأمينة العامة للحزب الاشتراكي مارتين أوبري لمتابعات ملفات التعاون مع الصين، والمسؤول السابق على ”رونو” لويس ستشويزر لتحسين العلاقات مع اليابان.