باشرت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف مؤخرا سلسلة من اللقاءات والاجتماعات المراطونية يقودها الوزير شخصيا رفقة أئمة الجمهورية، ومدراء معاهد الإطارات الدينية، وكذا مدراء الشؤون الدينية للولايات، وهذا في إطار مسعى تقوده الوزارة لمواجهة موجة الانتقادات التي طالت إستراتيجية عمل الوزارة على إثر التقارير التي أكدت اكتساح خطاب التطرف والمتطرفين لمنابر المساجد. شدد وزير الشؤون الدينية بوعلام الله غلام الله اللهجة في خرجاته الميدانية أمام الأئمة، حيث دعاهم إلى ضرورة إبراز المرجعية المالكية في خطاباتهم، وعدم ترك المساجد في أيدى المتطرفين، لاسيما في اجتماعه مع المفتشين مؤخرا. وحسب المعلومات التي تسربت من آخر اجتماع لإطارات الوزارة مع مسؤوليهم السامين برويسو، أكد هؤلاء أن المساجد تبقى تحت مسؤولية الأئمة، وأنهم يتحملون مسؤولية ما يحدث في المساجد التي يعتلون منابرها. في السياق ذاته، حمّل غلام الله مدراء معاهد تكوين الإطارات الدينية مسؤولية ما جاء في تقارير، أكدت أن المتخرجين من هذه المعاهد ينتهجون النهج السلفي على المنابر أو في خطاباتهم اليومية. وحسب ما توفر ل”الفجر” من معلومات فإن غلام الله وإطارات وزارته كثفوا من الخرجات الميدانية للحد من اكتساح التيارات المتطرفة لمساجد الجمهورية، وهذا بعد تزايد الشكاوى التي رفعت للوزارة من قبل المواطنين والقادمة من مختلف المساجد، والتي يشتكي فيها أصحابها من هيمنة التيار السلفي، والصراع الموجود بين الأئمة واللجان المسجدية، آخرها حادثة مسجد 5 جويلية بباب الزوار، حيث حدث صراع شرس بين الإمام السلفي ولجنة المسجد التي يشرف عليها تيار مغاير. وفي نفس السياق، فإن الكثير من المساجد عبر الوطن صارت في قبضة تيار لا يعترف بالمرجعية الوطنية، بل ويحاربها، الأمر الذي دفع بوزير الشؤون الدينية إلى توجيه خطاب شديد اللهجة للأئمة والمفتشين، وقد نظمت مؤخرا بالعاصمة جلسة مسائلة للأئمة شملت تكوينهم، ومسارهم الدراسي، ومستواهم، ومرجعيتهم الفقهية والعقدية. وفي هذا الصدد تؤكد مصادرنا أن الطريقة التي تنتهجها وزارة الشؤون الدينية في محاولتها لتطويق الإشكال، والتي تعتمد على الاستنطاق البوليسي أو المقاربة الأمنية التي لا تحظى بالإجماع من قبل الإطارات والمكلفين بالملف، لأن هذه الأمور حسبهم لا تعالج بمقاربة أمنية، قد يكون لها تأثير عكسي مستقبلا، على إدارة القطاع.