عرض الفيلم الوثائقي ”إفريقيا من الظلمات إلى النور” للمخرجين محمد لمين مرباح وعلي بلود، أول أمس، بقاعة السينماتيك، في إطار فعاليات المهرجان الدولي لأيام الفيلم الملتزم بالعاصمة، في محاولة لإعادة الذاكرة إلى ما عانته القارة السمراء من نهب واستغلال بكل أشكاله من طرف الاستعمار الإمبريالي الأوروبي الذي كرّس عبودية وتبعية شعوب المنطقة له. العمل الذي أنتج سنة 2009 في إطار الطبعة الثانية للمهرجان الإفريقي، لخصّ مسيرة مليئة بالآلام والجروح امتدت لأربعة قرون، حيث بقيت آثارها السلبية إلى ما بعد استقلال القارة الإفريقية، لاسيما في الجانب التجاري الذي كرس التبعية، حيث دلّت اللقطات الأولى للفيلم على بشاعة الاستعمار الذي جعل من شعوب القارة السمراء عبيدا ورقيقا، وكشف الواقع المأساوي الذي كانت تتخبط فيه، جراء ظاهرة الرق والعبودية التي طالتهم من قبل الدول الأوروبية والأمريكية. كما تضمنت لقطات فيلم ”إفريقيا من الظلمات إلى النور”، المنتج من قبل شركة ”أمين إنتاج”، أبشع صور العبودية، وأفظع المجازر التي راحت ضحيتها العديد من السكان، بما فيها الدول المغاربية، الجزائر، تونس والمغرب، بعد أن استغلها النظام الرأسمالي لبسط نفوذه في المنطقة، ونهب خيراتها وثرواتها، وكذا طمس هويتها ومحو تاريخها وتراثها، ناهيك عن الإستراتيجية التجارية التي انتهجها في سبيل استنزاف ثروات القارة بتوسيع الشبكة التجارية البحرية وبناء الموانئ والمصانع، لكن ما لمسه الفيلم في زمن دام أكثر من ساعة نقل إثرها تفاصيل بالصوت والصورة واستعان بخرائط، صور ووثائق تاريخية بالإضافة إلى الشهادات الحية التي أضفت على العمل الناطق باللغة الفرنسية، التميز والاحترافية، تلك النهضة التدريجية التي رافقت بعض الدول المستعمرَة بعد سنوات الاحتلال المظلمة من خلال الحركات التحررية الشاملة، حيث شكلت المقاومة والثورة ضد الأنظمة الإمبريالية الغربية أبرز مشاهدها، على غرار ما حدث في إثيوبيا ضد ايطاليا، الغابون، تونس وفي الجزائر، وفي السياق نفسه عاد المخرجين إلى تسليط الضوء على وحدة الأفارقة وتكتلهم ضد قوات الاحتلال من خلال خطابات وشهادات من الأرشيف لم يسبق عرضها لزعماء قادوا القارة إلى بر الأمان، على غرار مصالي الحاج الأب الروحي للحركة الإفريقية، نيلسون مونديلا، الرئيسان الراحلين هواري بومدين وأحمد بن بلة، وآخرون مختصين في التاريخ، حيث أجمعت كلها على هدف واحد هو التحرر والتعاون، كما ركزا على حضور مميز الجزائر في المشهد العالمي، وكذا وقفوها الدائم مع حركات التحرر في الهند الصينية، كوبا، فيتنام وغيرها، من جهة أخرى استطاع هذا العمل تجسيد ملحمة قارية قال عنها المخرج علي بلود إنّها ”تاريخ مشترك وبوابته الجزائر وجنوب إفريقيا”، ووصف بدوره المخرج لمين مرباح ما حدث بمثابة ”النهضة التحررية التي أصبحت أساس الثورة إذ بدأ نشاطها من الجزائر ليشمل المغرب العربي وكافة القارة”.