ترى المخرجة المغربية سلمى بركاش أنّ ما تعالجه وتطرحه السينما المغربية اليوم للواقع المؤلم على جميع الأصعدة في المغرب، هو حقيقة لا يجب نكرانها أوالتستر عليها، باعتبار أنّ هذه ”الحقيقة” التي وصفتها بالسوداء والقاتمة باتت شبحا مخيفا يهدد تطلعات المواطنين المغاربة. نوهت المخرجة المغربية، على هامش فعاليات وهران للفيلم العربي الذي انقضى في ال22 شهر ديسمبر من السنة الماضية، في تصريح ل”الفجر”، أنّ السينما المغربية على غرار باقي المؤسسات الأخرى سواء الرسمية أو غير الرسمية معنية في الفترة الراهنة بشكل أكبر إلى التطرق، ومعالجة عديد القضايا ومختلف الظواهر والمشاكل الاجتماعية التي تنغص حياة الأفراد في المجتمعات العربية والمغربية على وجه الخصوص، وحتى في بلدان العالم الأخرى، معتبرة أنّ تقديم وطرح القضية على الجمهور في قالب سينمائي مشوق يحمل مجموعة من الرسائل يعكس حقيقة الوضع دون اللجوء إلى التستر عليه أو محاولة إبرازه في صورة جميلة وحسنة. كما تعتقد في الإطار ذاته، المتحدثة سلمى بركاش، أنّ ما تعرفه السينما المغربية اليوم من انتشار للأفلام والتي تصنّف ضمن ”الخانة السوداء” من خلال كونها تنقل صورة قاتمة عن المغرب، ما هي إلا حقيقة يجب عدم إخفائها بالنظر إلى المستوى المعيشي المتردي في جميع المجالات، ناهيك عن دورها بإلزامية وضع المواطن في صورة الوضع الحقيقي بدون تزييف أو تشويه للواقع المعاش. وتضيف صاحبة فيلم ”الوتر الخامس” في السياق نفسه أنّ المخرجة المغربية تعمل على نقاش هذه القضايا، مثل زميلها المخرج، حيث لا تتعرض إلى قيود في أعمالها بل تتمتع بحرية كبيرة، ولا وجود لاستثناءات. بينما تعتبر أنّ وظيفة الإخراج السينمائي لم تعد منحصرة في الرجل كما في السابق، حيث تمكنّت المرأة خلال السنوات الأخيرة من فتح آفاق لها في هذا المجال وتحقيق مكانة مهمة لها في عالم الفن السابع، بدليل وجود محاولات كثيرة أسهمت عبرها في تصوير الواقع المعاش بمختلف ما يحمله من تناقضات ومفارقات، وأبدت بواسطتها وجهة نظرها ورأيها في عديد القضايا. كما أوضحت المتحدثة أنّ ما ساعدها على التميز في أعمالها السينمائية هو الطرح الجريء للأفكار والمواضيع بدون أية عقدة، وكذلك من خلال إظهار نقاط سلبها وإيجابها، وبالتالي ترى أنّ السينما انعكاس للواقع ومرآة المجتمع. أمّا عن سر هذا النجاح المميز للمخرجات المغربيات الذي خلف عشرات الأفلام الطويلة والقصيرة وتخليد أسمائهن في مختلف المحافل الدولية، تشير بركاش إلى العدالة التي يتم بها توزيع الدعم المادي بين المخرجين بغض النظر عن جنسهم، حيث تتساوى الحظوظ بينهم، ناهيك عن الحرية التي يتعاملون بها مع نصوصهم السينمائية. من جهة أخرى يشكل استخدام جسد المرأة أحد هواجس السينما المغربية والعربية بصفة عامة، وقالت المخرجة سلمى بركاش:”ما يقال عن هذا الطرح أنّ استخدام جسد المرأة في السينما من خلال لقطات تتسم بالجرأة لا يعتبر إهانة أوتعدي صارخ على الأخلاق، لأنه لا يرتبط - حسبها - بحياتها الشخصية بل يتعلق بالتمثيل، وهو الوظيفة التي تؤديها الفنانة بعيدا عن حياتها الحقيقية. كما أوضحت أنّ استعمال مثل هذه المشاهد التي يكثر عنها القيل والقال ليس اعتباطيا، حيث يتم وفق دراسة ومعايير تتناسب وعادات المجتمع وحدود الحرية، بالإضافة إلى توظيفها في إطار دلالتها ودورها السينمائي لا أكثر ولا أقّل. بالمقابل أرجعت تمثيل الأدوار الراقصة أو ما يشبه ذلك، إلى ضرورة لجأ إليها المخرجون لبلوغ أهداف تجارية، وبالتالي فليس ما يقدم في هذا الجانب هو المعيار الذي تقوم عليه السينما المغربية، نظرا لتنوع الأعمال السينمائية بين التاريخية والوثائقية والدرامية وكذا التجارية.