أعلن، أول أمس، الجناح المعتدل من الحركة الوطنية لتحرير الأزواد، عن انفصاله عن حركة أنصار الدين المتطرفة في منطقة الساحل، متبرئا مما تقوم به هذه الجماعات وغيرها من عمليات إرهابية في شمال مالي، وفي غيرها من المناطق بما فيها العملية الإرهابية التي قادتها جماعة الأعور نهاية الأسبوع الماضي في عين أمناس. لكن الجديد في هذه الحركة التي أعلنت ابتعادها عن أنصار الدين هو أنها أضافت لفظا جديدا لتسميتها، وصارت تسمى حركة الأزواد الإسلامية، وهي التسمية التي ستدرجها في قائمة المغضوب عليهم، ولن تجد من يعترف بها. كما أنها لن تجد أي محاور؛ لا في فرنسا التي تطالبها بوقف العمليات العسكرية في مالي، ولا في الجزائر ولا في مالي نفسها التي ينتمي الأزواد جغرافيا إلى ترابها، بحكم أن الأزواد هم طوارق مالي، خاصة وأن زعماء هذه الحركة ممن كانوا يترددون على الجزائر للقيام بوساطة من أجل تحرير الدبلوماسيين الجزائريين، وكانت المفاوض الوحيد مع السلطات الجزائرية، تراجعت عن الاتفاق المبرم مؤخرا في الجزائر. فبمجرد أن سمت هذه الحركة أو أخرى نفسها؛ ب”الإسلامية”، إلا وأغلقت أمام نفسها باب الحوار مع أي طرف كان، وليست الجزائر من سيثق في هؤلاء ويفتح من جديد باب الحوار معهم بعد أن أغلقوه بأنفسهم بانضمامهم إلى حركة إرهابية، ولن يكفي أن تقول في بيانها أنها ”تؤكد رسميا أنها تنأى تماما عن أي مجموعة إرهابية، وتدين وترفض أي شكل من أشكال التطرف والإرهاب، وتتعهد بمكافحته”، ليس هذا فحسب فهذه الحركة وغيرها من الحركات المتمردة في شمال مالي، ستتحمل وحدها أثار ما تتعرض له المنطقة من عمليات تصفية عرقية مثلما تتحدث عنه بعض التقارير الصحفية، والتي تقول إن الجنود الأفارقة السود والماليين بدأوا يثأرون من السكان العرب والطوارق وبدأت الحرب في شمال مالي تتحول من حرب على الإرهاب إلى حرب عرقية، لأنهم فوتوا على بلادهم فرصة حل الأزمة سلميا، وفتحوا السبيل أمام التدخل الأجنبي الذي لا أحد يعرف متى ينتهي، خاصة وأن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، قال إنه لا يعرف متى ستنتهي العملية العسكرية في مالي، مما يعيد إلى الأذهان تصريحات الرئيس الأمريكي بوش في بداية التدخل في العراق والتي استمرت قرابة العشر سنوات، كما لا أحد يمكنه التنبؤ بمدى الدمار الذي تخلفه هذه الحرب على البنية الاقتصادية والبنية الاجتماعية في مالي التي تبقى مفتوحة على كل التجارب والمخاطر.